للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الخوَّاص: "الصبر هو الثَّبات على الكتاب والسُّنة".

وقال ابن عطاء: "إنه الوقوف مع البلاء بِحُسْنِ الأَدَب".

وقال الأستاذ أبو عليٍّ الدَّقاق -رحمه الله-: "هو ألا تعتَرِض على المَقْدُور، فأَمَّا إِظهَارُ البَلاءِ لا على وجهِ الشَّكوَى فلا يُنافي الصَّبر، قال تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (٤٤)} [ص: ٤٤] " (١).

وقيلَ: معناهُ: أنَّ ثوابه ضياء ونور في الآخرة.

وقيل: أنَّ أَثر الصبر على الطاعات وعن المعاصي نور القلب، وشاهِدهُ في قياس العكس: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٤)} [المطففين: ١٤] أي: المعاصي سوَّدت قلوبهم وصيرتها مظلمةً (٢).

فإن قلتَ: لِمَ فرَّقَ بين النور والضياء؛ قال في الصلاة: "نور"، وفي الصَّدقة: "ضياء"؟ وهل مِن فرقٍ بينهما؟

قلتُ: قد قال الجوهري: "فإنَّهُ فسَّر الضياء بالنور في مَوْضِعٍ، والنور بالضياء في آخر" (٣).

وقيل: إنَّ الضياء أعظم وأبلغ مِن النور، بدليل قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا} [يونس: ٥] والشمس أعمّ نورًا مِن القمر، ولذلك قال الله تعالى: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ} [البقرة: ١٧] ولم يقل: بِضِيائِهم؛ لأنَّ نفعَ الأعم أبلغ.


(١) روى الآثار الثلاثة القشيري في "الرسالة" (٣٢٥، ٣٢٩).
وقارن بـ "شرح النووي" (٣/ ١٠٣ - ١٠٤).
(٢) انظر: "التعيين" (١٧٧).
(٣) كلام الجوهري نقله الفاكهاني في "المنهج المبين" (٤٠٤). ولم أقف عليه في "الصحاح".

<<  <   >  >>