للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المال، أو أنها حجة في إيمانه؛ لأنَّ المُنافِقَ لا يفعلها عادةً لعدم اعتقاده لها، فمن تصدَّق استُدِلَّ بِصدَقته على صِدْقِ إيمانه، فالمنافِقونَ [يلمِزُونَ] (١) المُطَّوِّعين مِن المؤمنين في الصَّدَقات، أو صِحَّة محبة المتصدِّق لله ولِمَا لَدَيْهِ مِن الثواب؛ إذْ آثرها على مَحَبَّةِ المال فأخرجه لله: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} [الإنسان: ٨] أي: حب الطعام، أو حب الله.

وعِبارةُ صاحب "التحرير": "يُفزع إليها كما يُفْزَعُ إلى البراهين، كأنَّ العبدَ إذا سُئِلَ يوم القيامة عن مَصرِف ماله كانت صدقاته براهين في جوابه؛ فيقول: تَصَدَّقتُ". قال: "ويجوز أنْ يوسَمَ المتصدِّق سيما يُعرف بها، فيكون برهانًا له على حاله، ولا يُسْألُ (٢) عن مَصرِف مَالِهِ" (٣).

و"البُرهان" عندَ أهل اللغة: الحُجَّة، وعند أهل اللسان: هو الحُجَّة المركبة مِن مُقَدِّمات قاطِعةٍ، وهو حاصِل هنا، فإنَّهُ يُقال مَثَلًا: فُلانٌ يؤدِّي الزكاة وَمَن أدَّاها فقد أدى حقَّ المال، ففُلانٌ أدى حقَّ المال، أو يُقال: فلان أدَّاها طيبة بها نفسه، وكُلُّ مَنْ أدَّاها كذلِكَ فهو مؤمنٌ؛ ففلانٌ مؤمنٌ (٤).

ورواية ابن حبان في "صحيحه": "والزَّكاةُ بُرْهانٌ" بدل "الصدقة" وهو مُفَسِّرٌ لها.

ثامِنُها: معنى "الصَّبرُ ضِياء" أي: المحبوب، وهو الصبر على الطاعة والبلاء ومكائد الدنيا وعن المعاصي، ومعناه: لا يزال صاحبه مستضيئًا مُسْتَمِرًا على الصَّواب.


(١) في الأصل: "يجذون" والتصويب من "الإكمال" (٢/ ٨)، و"المفهم" (١/ ٤٧٦)، وسياق الكلام؛ لأن العبارة مقتبسة من آية في سورة التوبة.
(٢) في الأصل تحرَّفت إلى: "ولا يصرف" والتصويب من "شرح النووي" (٣/ ١٠٣).
(٣) انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي (٣/ ١٠٣).
(٤) قارن بـ "التعيين" (١٧٧).

<<  <   >  >>