للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النحل: ٩٦].

فائدة: "ينقص" تستعمل لازمًا نحو: نقص المال، ومتعديًا نحو: نقصتُ زيدًا حَقَّهُ.

وينقص المِخْيطُ هنا مُتَعدٍّ؛ لأن محل البحر نُصِبَ به.

و"المخيط": الإبْرَةُ ونحوها -بالكسر، ثم خَاءٌ مُعْجَمَة ساكِنة، ثم ياء مفتوحة- وهو مِن الآلات، فَلِذَا كُسِرَ أَوَّلُهُ.

تاسِعُها: معنى "أحصيها لكم": بِعِلْمِي وملائِكَتِي الحَفَظَة، لأُوَفِّيكم جزاءَهَا وثوابَهَا، فَحُذِفَ المضاف فانقَلَبَ الضَّمِيرُ المخفوض مَنْصُوبًا مُنْفَصِلًا كالمفعول المحذوف.

وفائِدَةُ الحَفَظَة مع العِلم: الشَّهَادة على العبد المسكين: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (١٤)} [الإسراء: ١٤].

مَلأتَ كتوبَ الكاتبين مَآثمًا ... فإن كُنْتَ تَنْسَاهَا فَرَبُّكَ يَعْلَمُ

فَكَفَى بالكِرَام الكاتبين شهودًا، وبِرَبِّ العِباد حَسِيبًا.

تَنْبِيهٌ: السِّرُّ في التصريح بالخير والتَّكنِيَةُ عن غيره بقوله: "ومَن وَجَدَ غَيْرَ ذلك" ولم يَقُل: "وَمَنْ وَجَدَ شَرًّا" مجانَبَةُ لَفْظِهِ، فإذا اجتنب لفظه فكيف الوقوع فيه؟ والخير كله مُفَاضَلَة، لأن قولك: زيد خير، أي: هو خير من خير كله.

وأكد "لَيَلُومَنَّ" بالنون للتحذير أنْ يخطُرَ في قَلْبِ عاقِل أَنَّ [مستحق] (١) اللوم غير نفسه؛ لأن الله تعالى أوضحَ الطريق وأعذَرَ وحَذَّر وأنذر، ولَا حُجَّةَ


(١) ما بين المعقوفتين من "الفتح المبين" (٤٣٠).

<<  <   >  >>