وفيه أنَّ سلوك طريق العلم يجازى عليه بتسهيل طريق الثَّواب إلى الجنة؛ فالمراد أن طلَبَهُ وتحصيلَه يُرشِدُ إلى سبيل الهدايةِ والطَّاعة المُوصِلَةِ إلى الجنة، وذلك بتسهيل الله له، وإلَّا فبدونِ لُطفِهِ وتوفِيقهِ لا ينتفع بشيء؛ علم ولا غيره، أو أنه يُجَازى على طلبه وتحصيله بتسهيل دخول الجنة بقطع العقبات الشَّاقة دونها يوم القيامة، بأن سهَّل عليه الوقوف في المَحشَرِ والجَوَازِ على الصراط ونحو ذلك.
و"السَّكِينَةُ": فَعِيلةٌ من السُّكون، وهي الطمأنينة والوقار، واختار القاضي عياض -رحمه الله- أنها هنا الرَّحمة (١)، وفيه ضعف؛ لعطف الرحمةِ عليه، وهي تَقْتَضِي المُغَايرة؛ وذلك أنَّ أهلَ الذِّكْر لمَّا تغشاهم الرَّحمةُ، وتَنْزلُ عليهم السَّكِينةُ لا ينزعجون بمحتقر دنيا يشغلهم به.
ومعنى "غَشِيَتْهم": خالطتهم وعمتهم، و"غشى" في لغة العرب لا يستعمل إلَّا في شيء شمل المغشي من جميع أجزائه وجوانبه، والمعنى في هذا أن غشيان الرحمة بهم بحيث استوعبت كل ذنب تقدَّمه -إن شاء الله-.
و"حفتهم": أحاطت بهم وضايقتهم: {وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ}[الزمر: ٧٥] فكأَنَّ الملائكة قربت منهم قربًا، لم تترك بينهم وبينهم درجة تسع شيطانًا.