للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثها: حفُّ الملائكة بهم؛ للاستماع تعظيمًا للمذكور، وإكرامًا للذَّاكر.

رابعها: ذَكَرَهم الله فيمن عنده من الملائكة؛ لقوله: هو {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: ١٥٢]، {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت: ٤٥]. وقوله: "مَنْ ذَكَرَني في نَفْسِهِ ذَكَرتُهُ في نَفْسِي، وَمَنْ ذَكرَني في مَلأٍ ذَكرتُهُ في ملأٍ خَيْرٍ مِنه ... " (١).

خامسها: فيه أن الإسراع إلى العبادة إنما هي بالأعمال لا بالأحساب؛ لقوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣] وفي الحديث: "ائتوني بأَعمَالِكُم، لا تَأْتُوني بأَنْسَابِكُم" (٢)، وقوله: "كلُّكُم مِنْ آدَمَ، وآدمُ مِنْ تُرَاب" (٣)؛ ولأن الله خلق الخلق لطاعته، وهي المؤثرة لا غيرها: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ (١٠١)} [المؤمنون: ١٠١] والناس على أقسام أربعة: عالم ونسيبٌ، لا فيهما، عالم لا نسيب عكسه (٤)، والمؤَثِّر في ذلك كلِّهِ العلم المقرونُ بالعَمَل لا النَّسب؛ فمعنى قوله: "ومَن بطَّأَ بهِ عَمَلهُ لَمْ يُسْرع بهِ نَسَبُهُ" معناه: من كان عمله ناقصًا لم يُلحِقهُ نَسبُه مرتبةَ أصحابِ الأعمال؛ فينبغي ألا يَتَّكِل على شَرَفِ نَسَبهِ وفضيلة الآباء ويقصر في العمل.


(١) رواه البخاري (٩/ ١٢١ رقم ٧٤٠٥)، ومسلم (٤/ ٢٠٦١ رقم ٢٦٧٥) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
وقارن هذا الكلام بـ"التعيين" (٣١٢ - ٣١٣).
(٢) لم أقف عليه.
(٣) رواه أحمد (١٤/ ٣٤٩ رقم ٨٧٣٦)، وأبو داود (٥/ ٢٢٤ رقم ٥١١٦)، والترمذي (٦/ ٢٢٤ رقم ٣٩٥٥، ٣٩٥٦)، والطحاوي في "المشكل" (٩/ ٨٠ رقم ٣٤٥٨)، والبيهقي في "الكبرى" (١٠/ ٢٣٢)، و"الشعب" (٧/ ١٢٥ رقم ٤٧٦٣ - ٤٧٦٥)، و"الآداب" (١٨٠ رقم ٤٦١) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
والحديث حسَّنه الترمذي، وصححه الألباني.
(٤) يعني: هم عالِمٌ ونَسِيبٌ، لا عِلمَ ولا نَسَب، عالم بلا نسب، نَسِيبٌ بِلا عِلمٍ.

<<  <   >  >>