قال المزني: فإن لم يجد متطوعًا فلا بأس أن يرزق مؤذنا واحدًا، ولا يرزقه إلا من خمس الخمس سهم النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز أن يرزقه من الفيء، ولا من الصدقات لأن لكل مالكًا موصوفًا.
قال القاضي حسين: للإمام أن يرزق المؤذن، لأنه من المصالح بلا خلاف، وله استئجار المؤذن على الأذان، وكذا يجوز الاستئجار على الطاعات عندنا من تعليم القرآن والحج.
وقال أبو حنيفة: لا يجوز، وهذا لا يصح، لأنه استأجره على عمل معلوم لا يجب عليه، وينتفع به غيره، لأن نفعه عائد إلى جميع المسلمين، فإنهم يطلعون به على دخول أوقات الصلوات، فيجوز كما لو استأجره لبناء المسجد والقناطر والرباطات، فإن كان البلد يشتمل على مساجد فله أن يرزق عددًا من المؤذنين إن لم يمكن جمع الناس في مسجد محلة واحدة، وإن أمكن جمعهم في مسجد واحد فيها وجهان:
أحدها: يستأجر واحدًا فحسب لا حاجة به إلى الزيادة على مؤذن واحد.
والثاني: يستأجر أكثر من واحد، كي لا يؤدي إلى تعطيل المساجد، وأيضًا مهما كثرت الجماعات كثر الثواب؛ لأن أداء الجماعات في المساجد أولى من أدائها في مسجد واحد، فأما إذا وجد من يؤذن متطوعًا، وليس برفيع الصوت، فهل له أن يستأجر من كان حسن الصوت أم لا؟
فيه قولان بناء على ما إذا طلق امرأته، وله منها ولد صغير، ووجد من يرضعه مجانًا، وهي لا ترضعه إلا بالأجرة فيه قولان:
أحدهما: أن الأم أولى لقوله تعالى: (فإن أرضعن لكم فأتوهن أجورهن)؛ ولأن شفقتها أكثر عليه من شفقة الأجنبية.