فإن قال قائل: كيف قال جل ثناؤه: (قالت نملةٌ يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم) فأدخل الواو في جمع المؤنث، ولم يقل ادخلن مساكنكن؟
قيل له: لما خبر عن النمل بالقول، والقول سبيله أن يكون للناس أجراهن مجرى الناس، وكذلك قال عز وجل: يعني الأصنام: (هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون) ولم يقل: هل يسمعنكم أو ينفعنكم أو يضررنكم لما ذكرنا من أنهن إذا وصفن بأوصاف الناس جرين مجرى الناس، وكذلك قال جل ثناؤه:(وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا، قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء) ولم يقل: شهدْتُنَّ، وقال:(قالوا أنطقنا الله) ولم يقل: قلن لما مضى من التفسير، وقال تعالى:(إني رأيتُ أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين) ولم يقل: رأيتهن ساجدات؛ لأنه لما أخبر عنهن بالسجود جرين مجرى الناس.
ويقال: هبت الرياحُ، وهب الرياحُ؛ لأن الجمع يجوز في فعله التذكيرُ والتأنيث. قال الشاعر: