للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هجائين، وذلك أنهم لما أن قالوا في المنقوص: قُلَة وعِزَة وجدوا الناقص منه لام الفعل، فلما جمعوه بالتاء فقالوا: قلاتٌ وعزاتٌ ظنوا أن هذه الألف هي الحرف الذي كان نقص أخرج على التمام، فلم يجدوا ذلك إلا في النون والواو؛ مثل صالحون وصالحات، وقالوا: لا يُتوهم علينا أنا نريد بالواو والنون مذهب ذكرانٍ والواحدةُ منه أنثى خاصةً، فقالوا ذلك في كل ما كانت منقوصةً منه اللام؛ مثلُ قُلَةٍ وبُرةٍ، وجميع ما كان نقصانه من لامه، ولم يقولوه فيما كان نقصانه من أوله مثل عدةٍ وزنةٍ وصلةٍ.

وقال بعض النحويين: إنما لم يفرقوا بين المذكر والمؤنث في العشرين والثلاثين وما أشبه ذلك؛ لأن العدد سبيله ألا يُفصل بينه وبين المذكر والمؤنث؛ لأنه مبهمٌ، وإنما يبينه ويفسره المفسر الذي يأتي، فإذا قلت: عندي عشرون درهماً دللت بالدرهم على أن العشرين مذكرة، فإذا قلت: عندي عشرون جبةً دللت بالجبة على أن العشرين مؤنثةٌ، فأنزلوا العشرين والثلاثين منزلة المائة والألف، فلما كانوا يقولون: عندي مائة قميص، وعندي مائة جبةٍ، وعندي ألف قميص، وعندي ألف جبةٍ، فيجعلون المائة واللف للمذكر والمؤنث بلفظٍ واحدٍ اتكالاً على أن القميص يبين التذكير والجبة تبين التأنيث، فأجروا العشرين إلى التسعين هذا المجرى.

فإن قال: فلِمَ فصلوا بين عدد المذكر والمؤنث فيما بين الثلاثة إلى العشرة؟ قيل له: العلة في هذا أن ما بين الواحدة والعشرة أصل الأعداد فاقتصروا على أن يوقعوا فرقاً في الأصل، واقتصروا على غير ذلك على تبيين المفسر.

<<  <  ج: ص:  >  >>