للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو بكر: والقول في هذا عندي- وبالله التوفيق: أنهم جعلوا العشرين والثلاثين وما أشبه ذلك تكون للمذكر والمؤنث، فجعلوا فيها ما يصلح للمذكر والمؤنث، فالذي فيها مما يكون للمؤنث قولهم: ثلاث وأربع بغير هاء، والذي فيها مما يصلح للمذكر الواو والنون، فلما اجتمع فيها ما يصلح للمذكر والمؤنث عبرت عن الجنسين.

فإن قال قائل: لِمَ لَمْ يقولوا عشرون حتى يكون لفظ العشر داخلاً في العشرين؛ كما كان لفظ الثلاث داخلاً في الثلاثين، فيقال له: قولهم عشرون بمنزلة قولهم عشرون، وعشر وعشر عندي بمنزلة قولهم: جسرٌ وجَسْرٌ، ورِطْلٌ ورَطْلٌ، وحِبْرٌ وحَبْرٌ، وثوبٌ شَفٌ وشِفٌ، إلا أنهم استعملوا الفتح في العشر والكسر في العشرين؛ كما قالوا: أطال الله عُمُرك وعمْرك فاستعملوا الضم في هذا، ثم قالوا: لعمرك، فاستعملوا الفتح في هذا، ولم يستعملوا الضم والمعنى فيهما واحد، وقال الفراء: عِشْر وعَشْرٌ بمنزلة قولهم: بِخْسٌ وبَخْسٌ. قال البصريون: إنما كُسِرت العينُ من العشرين؛ لأن العشرين من العشرة بمنزلة الاثنين من الواحد.

فإن قال قائل: لم قالوا في التذكير: عندي خمسة عشر رجلا، فلم يدخلوا الهاء في العشر، وقالوا في المؤنث: عندي خمس عشرة امرأةً، فأدخلوا الهاء في العشر. قيل له: العِلَّةُ في هذا أنهم تركوا النيف بعد العشرة على ما كان عليه قبل العشرة، فكرهوا أن يقولوا: عندي خمسة عشر رجلا، فيجمعون بين تأنيثين في حرفٍ واحد؛ لأن خمسة عشر اسمٌ واحدٌ، فكرهوا أن يثبتوا الهاء في الخمسة والهاء في العشرة، وهما علامتان للتأنيث؛ لأن الاسم لا يجتمع

<<  <  ج: ص:  >  >>