للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آية لأنها علامة يقطع بها كلام من كلام. وقيل: لأنها جماعة من حروف القرآن، يقال: خرج القوم بآيتهم أي بجماعتهم. وقال الراغب: ولكل جملةٍ من القرآن دالة على حكم آيةٍ سورًة كانت أو فصلاً أو فصولاً من سورةٍ، وقد يقال لكل كلامٍ منه تام منفصلٍ بفصلٍ لفظيٍ آية. وعلى هذا اعتبار آي السور التي تعد بها السورة. قلت: وكان الآية في الأصل عنده ما دلت على حكمٍ، وإطلاقها على الآية الإصطلاحية التي بها السورة خلاف الأصل، وفيه نظر، إذ عبارة الناس تشعر بالعكس. ثم إنه جعل الآية شاملًة للسورة.

قوله:} بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم {[العنكبوت: ٤٩] وفي قوله:} إن في ذلك لآيًة للمؤمنين {[الحجر: ٧٧] إشارة إلى الآيات المعقولة التي تتفاوت بها المعرفة بحسب تفاوت الناس في العلم. وقال تعالى:} وجعلنا الليل والنهار آيتين {[الإسراء: ١٢] تنبيه على أن كل واحدٍ منهما آية لما فيه من الدلالة الباهرة والبراهين الظاهرة، وفي مجموعهما آيات كثيرة. وهذا بخلاف قوله:} وجعلنا ابن مريم وأمه آية {[المؤمنون: ٥٠] حيث لم يثنهما، قالوا: لأن كل واحدٍ منهما آية للأخرى. وقيل: لأن قصتهما واحدة، قاله ابن عرفة وقال الأزهري: إن الآية فيهما معًا آية واحدة، وهي الولادة دون الفحل. قلت: وهذا هو شرح القول الأول.

قوله:} وما نرسل بالآيات إلا تخويفًا {[الإسراء: ٥٩] إشارة إلى ما عذيت به الأمم السالفة من الجراد والقمل ونحوهما، وأنه إنما يرسلها تخويفًا للمكلفين قبل أن يحل بهم ما هو أفظع منها، وهذه أخس المنازل للمأمورين. قال الراغب: "وذلك أن الإنسان يتحرى فعل الخير لأحد ثلاثة أمورٍ، إما رغبةٍ، أو رهبٍة وهو أدنى منزلةٍ، أو لطلب محمدةٍ أو فضيلةٍ. وهو أن يكون الشيء في نفسه فاضلاً، وذلك أشرف المنازل.

<<  <  ج: ص:  >  >>