أحدٌ: على قسمينِ؛ قسمٍ لا يُستعملُ إلا في نفيٍ أو في شبهِهِ كالنَّهي والاستفهام. وهذا همزتُه أصليةٌ، ويفيدُ استغراقَ جنسِ الناطقينَ قليلاً كان أو كثيرًا، مجتمعينَ أو مُفترقينَ، نحو: لا أحدَ في الدار، أي لا واحدَ ولا اثنينِ فصاعدًا، لا مجتمعينِ ولا مُتفرقَينِ. ولهذا لم يصحَّ استعمالُه في الإثباتِ لأنَّ نفي المتضادَّينِ يَصِحُّ دونَ إثباتِهما. فلو قيلَ: في الدارِ أحدٌ لكانَ فيهِ إثباتُ واحد مفردٍ مع إثبات ما فوقَ الواحد مجتمعينَ ومتفرقينَ، وذلك ظاهرٌ لا محالةَ، ولانطلاقه على ما فوقَ الواحد صحَّ أن يقالَ: ما من أحد قائمينَ. وعليه قولُه:{فما منكُم مِن أحدٍ عَنْهُ حاجزِينَ}[الحاقة: ٤٧].
وبعضُهم يُطلقه على غيرِ العقلاءِ، ولذلك قيلَ في قولِ الذُّبياني:[من البسيط]
- عَيَّتْ جوابًا وما بالرَّبعِ من أحدٍ ... إلا الأُواريُّ لايًا ما أُبَيِّنُها
إنه استثناءٌ منقطعٌ أو متَّصلٌ. وقد حققتُهُ في شرحِ هذهِ القصيدةِ، وله أخواتٌ لا تُستعمل إلا منفيةً نحو عريب وديّار؛ حصرتُها في «شرحِ التسهيل». وقولُه:{هل يَراكم مِن أحدٍ}[التوبة: ١٢٧] استفهامٌ في معنى النَّفي. وقولُه:{ولا يَلتفِتْ منكُمْ أحدٌ}[هود: ٨١] نهي في قوةِ النَّفي، فمن ثمَّ شاعَ بخلافِ الإثباتِ لما تقدَّم.