قوله تعالى:} يوم ترونها تذهل كل مرضعةٍ عما أرضعت {[الحج: ٢]، إنما عدل عن لفظ مرضعٍ إلى مرضعةٍ لمعنى بديعٍ؛ وذلك أنه وصف يوم القيامة بشدة الهول حتى بلغ من شدته أن تذهل المرأة التي قد ألقمت ثديها لولدها عن ولدها، فإنه يقال: المرضعة لمن تلبست بفعل الرضاعة، والمرضع لمن شأنها أن ترضع وإن لم ترضع؛ يقال: رضع يرضع، ورضع يرضع رضاعًا ورضاعًة ورضاعًة. وقولهم: رضع فلان يرضع، أي لؤم يلؤم، وأصله أن رجلاً رضع شاته ولم يحلبها لئلا يسمع صوت شخب اللبن، وهذا في غاية اللؤم، فاستقر لفعل اللئيم أن يقال له رضع، ولكنهم فرقوا بين الفعل، فقالوا: رضع بالضم، أي لؤم، رضاعًة بالكسر فقط؛ ورضع الصبي ورضع - بالكسر والفتح - رضاعة، ورضاعة - بالفتح والكسر- كما تقدم. وفي الحديث:
٥٩٨ - واليوم يوم الرضع
قوله:} يرضعن أولادهن {[البقرة: ٢٣٣] جمهور الناس على أنه خبر في معنى الأمر، وقيل: هو خبر على بابه، ولنا في هذين القولين بحث حسن أتقناه في "الدر" وفي "الأحكام" ولله الحمد. قوله:} أن تسترضعوا أولادكم {[البقرة: ٢٣٣] أي تطلبون رضاعتهم. وقوله:} فسترضع له أخرى {[الطلاق: ٦] أي غير أمه. وقوله:} وحرمنا عليه المراضع من قبل {[القصص: ١٢] أي منعناه أن يقبل ثدي إحداهن من قبل إتيان أمه. جمع مرضعة أو مرضع، والظاهر الثاني. وقوله: سقطت رواضعه، يعني ثناياه، سمين بذلك لأنهن يعن الطفل على الرضاع، والراضعتان. الثنيتان. وفلان رضيع فلانٍ، أي رضيع معه: قال الأعشى: [من الطويل]