البعث: أصله الإثارة والتوجيه، ومنه بعثت البعير. ويختلف باختلاف متعلقاته. فبعثت البعير: أثرته ووجهته للسير فانبعث. وبعثت رسولي أي أرسلته. ومنه:} لبعثنا في كل قريةٍ نذيرًا {[الفرقان: ٥١]} فبعث الله غرابًا {[المائدة: ٣١] أي قيضه ويسره. وبعث الله الموتى أي أقامهم للحشر. ومنه:} والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون {[الأنعام: ٣٦].
وقوله:} ثم بعثناهم {[الكهف: ١٢] أي أيقظناهم؛ سمى إيقاظهم بعثًا تشبيهًا للنوم بالموت وهو الموتة الصغرى. ومنه:} وهو الذي يتوفاكم بالليل {[الأنعام: ٦٠] ثم قال:} ثم يبعثكم فيه {[الأنعام: ٦٠]} فابعثوا حكمًا من أهله {[النساء: ٣٥] أي أرسلوا.
وقوله:} ولكن كره الله انبعاثهم {[التوبة: ٤٦] أي ذهابهم ومضيهم. وقوله:} من بعثنا من مرقدنا {[يس: ٥٢] إشارة إلى فرط جهلهم حيث سموا ما كانوا فيه مرقدًا وما كانوا عليه رقادًا، وقد كانوا في آلم الأشياء وأشغلها عن الرقاد، أو قالوه لأنه مهيأ للرقاد.
واعلم أن البعث نوعان: بشري كبعثت بعيري ورسولي. وإلهي، وهو أيضًا نوعان: نوع اختص به ولم يقدر عليه أحدًا، وهو إيجاد الأعيان والأجناس والأنواع عن لبسٍ. ونوع أقدر عليه بعض خلقه المصطفين عنده كإحياء الموتى وإيجاد الخفاش من مادة الطين على يد عيسى عليه السلام، وكإحياء بعض الحيوان وهو أبلغ من إحياء