قوله تعالى:{إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب}[ق: ٣٧] أي عقل وفهم. وقلب كل شيءٍ خالصه، وأصل القلب من التقلب، وعليه قوله:[من الطويل]
١٢٨١ - وما سمي الإنسان إلا لأنسه ... ولا القلب إلا أنه يتقلب
وقلب الشيءٍ: تصريفه وصرفه عن وجهٍ، كقلب الثوب وقلب الإنسان. قيل: سمي به لكثرة تقلبه، ويعبر بالقلب عن المعاني التي تختص به من الروح والعلم والشجاعة؛ فمن الأول قوله تعالى:{وبلغت القلوب الحناجر}[الأحزاب: ١٠]، ومن الثاني قوله تعالى:{لذكرى لمن كان له قلب} أي عقل وفهم، ومن الثالث قوله تعالى:{ولتطئمن قلوبكم}[آل عمران: ١٢٦] أي تثبت به شجاعتكم، وعلى عكسه:{وقذف في قلوبهم الرعب}[الأحزاب: ٢٦].
وقوله تعالى:{ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}[الحج: ٤٦] قيل: اراد الروح، وهو الظاهر، وقيل: العقل. قال الراغب: ولا يصح عليه، ثم قال: ومجازه مجاز قوله: {تجري من تحتها الأنهار}[الحج: ٢٣] والأنهار لا تجري وإنما يجري الماء الذي فيها.
وتقليب الشيء: تغييره من حالٍ إلى حال. وتقليب الأمور: تدبرها والنظر في عواقبها، ومنه قوله تعالى:{وقلبوا لك الأمور}[التوبة: ٤٨] أي دبروها وبيتوها حتى جاء نصر الله فلم يضرك ذلك. وتقليب الله القلوب عبارة عن صرفها من رأي إلى آخر، وكذا تقليبه تعالى البصائر، وإليه أشار بقوله:{ونقلب أفئدتهم وأبصارهم}