للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي نحيرهم وندعهم في عمى، عقوبة لهم. لا يسأل عما يفعل؛ ولكن نسأله الهداية للدين القويم.

قوله: {فأصبح يقلب كفيه} [الكهف: ٤٢] عبارة عن الندم والتحسر على ما فات؛ حيث لا ينفع ذلك. وقد كثر هذا الاستعمال فقالوا: فلان يقلب يديه ويخط في الأرض ويعض بنانه، وذلك ذكر لصورة حال النادم، وهذا أبلغ من قولهم: فأصبح نادمًا، وإليه نحا الشاعر حيث قال: [من الوافر]

١٢٨٢ - كمبغونٍ يعض على يديه ... تبين غبنه عند البياع

والتقلب: التصرف في البيع والشراء وإصلاح حال الإنسان، ومنه قوله تعالى: {لا يغرنك تقلب الذي كفروا في البلاد} [آل عمران: ١٩٦]. وقال تعالى: {أو يأخذهم في تقلبهم} [النحل: ٤٦] أي في حالة هم أبعد شيءٍ من ظنهم الهلكة بل أقوياء أصحاء يتبايعون ويتشارون فيأخذهم بغتة. فنسأل الله اليقظة لما بين أيدينا.

والقلب: الكثير التقلب، كالحول لكثير التحول. والقلاب: داء يصيب القلب. وما به قلبة: أي علة يقلب لأجلها. والقليب: البئر التي لم تطو. والقلب: المقلوب من الأسورة. قوله: {وقلبوا لك الأمور} [التوبة: ٤٨] أي نصبوا لك الغوائل. قوله: {يومًا تتقلب فيه القلوب والأبصار} [النور: ٣٧] أي ترجف وتخفق بحيث تكاد تطلع إلى الظاهر، ونحوه: {وبلغت القلوب الحناجر}. قوله: {ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال} [الكهف: ١٨] قيل: إنهم لكثرة تقلبهم يظنهم الرائي غير نيامٍ، ويؤيده: {وتحسبهم أيقاظًا وهم رقود} [الكهف: ١٨] وما أحسن التصريح بقوله: {وهم رقود} بعد الحسبان!.

قوله تعالى: {والله يعلم متقلبكم ومثواكم} [محمد: ١٩] أي منصرفكم

<<  <  ج: ص:  >  >>