قوله تعالي:{أن اضرب بعصاك}[الأعراف: ١٦٠]. الضرب: إيقاع جسمٍ علي جسمٍ قصدًا للتأليم والإيلام وقال بعضهم: الضرب: إيقاع شيءٍ علي شيءٍ، وهو أعم من الأول. قال: ولتصور اختلاف الضرب خولف بين تفاسيرها كضرب الشيء باليد وبالعصا والسيف ونحوها. وضرب الأرض بالمطر وضرب الدرهم اعتبارًا بضربه بالمطرقة. قوله:{لا يستطيعون ضربًا في الأرض}[البقرة: ٢٧٣] أي سفرًا وذهبًا، وذلك لأن المسافر كالضارب الأرض برجله. وضرب في الأرض أيضًا: أسرع، وأنشد:[من الطويل].
٩١٨ - ولكن يجاب المستغيث، وخيلهم ... عليها كماةٌ بالمنية تضرب.
أي تسرع ومنه قول علي رضي الله عنه:((فإذا كان كذا ضرب يعسوب الدين بذنبه)) أي أسرع الذهاب، قاله الأزهري. وما أحسن هذه الاستعارة وأفصحها فلله دره، كم له من مثلها كرم الله وجهه. قوله:{وضربت عليهم الذلة}[البقرة: ٦١] أي أحاطت عليهم إحاطة القبة المضروبة علي شيءٍ فيها. وأصل ذلك من ضرب الخيمة لأن فيها ضرب أوتادها بالقدوم. قوله:{فضربنا علي آذانهم}[الكهف: ١١] أي أغبناهم.
وأصله أن الرجل إذا ضرب علي أذنه حصل له غيبةٌ. قوله:{أفنضرب عنكم الذكر}[الزخرف: ٥] أي نمهلكم ونعرض عنكم وننحي عنكم ما يجب تعريفه إياكم.
قوله:{وضرب الله مثلا قرية}[النحل: ١١٢] ونحوه فيه وجهان: أحدهما أن (ضرب) هنا أغني عن لفظ المثل خاصة ضرب [الجاري] مجري صير فنصبت مفعولين وصير الله قريةً حقها كيت وكيت مثلًا يعتبر من سمعه كسائر الأمثال. وسيأتي إن شاء الله تفسير المثل والثاني أنه لم يضمره ذلك، فقيل: إنه استعير من ضرب الدراهم، وذلك لأنه ذكر شيءٍ أثره يظهر في غيره وقال بعضهم:{واضرب لهم مثلًا}[يس: ١٣] أي اذكر.