للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفسدوا فيها. يقال: عثت تعثى لغة الحجاز في عاث يعيث عيثًا، أي أفسد. قلت: وعلى هذا فقوله:} مفسدين {حال مؤكدة. وظاهر كلامه أنه ليس مقلوبًا منه. قال الراغب: والعثي والعيث يتقاربان، نحو جذب وجبذ، إلا أن العيث أكثر ما يقال في الفساد الذي يدرك حسًا، والعثي فيما يدرك حكمًا. يقال: عثي يعثى عثيًا. وعلى هذا قوله:} ولا تعثوا في الأرض {، وعثا يعثو عثورًا. قلت: وعلى هذا فيكون عتا بالمثناة والمثلثة بمعنى واحدٍ. والأعثى: هو الأحمق الثقيل. وهو أيضًا لون يضرب إلى السواد.

[فصل العين والجيم]

ع ج ب:

قوله تعالى:} وإن تعجب فعجب قولهم {[الرعد: ٥]. العجب والتعجب: حالة تعرض للإنسان عند الجهل بسبب الشيء. وقال بعضهم: التعجب زيادة في وصف الفاعل خفي سببها، وخرج بها المتعجب منه عن نظائره. وعلى هذا فلا يسند إلى الباري تعالى لاستحالة ذلك عليه تعالى، فإن ورد ما ظاهره خلاف ذلك وجب تأويله كقوله:} فما أصبرهم على النار {[البقرة: ١٧٥]،} أسمع بهم وأبصر {[مريم: ٣٨]،} بل عجبت {[الصافات: ١٢] في قراءة ضم التاء على معنى حال هؤلاء حال من يقال فيه ذلك. وقد ورد في الحديث: "عجب ربكم" من كذا، وهو مؤول على معنى يليق بجلاله. قال بعضهم: كما أسند إليه المجيء والإتيان بمعنى يليق به لا على ما نتعارفه. وقيل: قوله: "عجبت" إنه مستعار بمعنى أنكرت كقوله تعالى:} أتعجبين من أمر الله [[هود: ٧٣] قاله الراغب، وفيه نظر. وقيل: معنى "عجب ربكم" عظم ذلك عنده وكبر. وقيل: معناه أثاب ورضي كقوله:} ويمكرون ويمكر الله {[الأنفال: ٣٠] يعني سمى جزاءه عجبًا تنبيه أنهم قد عهدوا مثل ذلك قبل.

قوله تعالى: {أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبًا}

<<  <  ج: ص:  >  >>