قوله تعالى:{فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد}[فاطر:٣٢]. المقتصد: المستوي الحال بين الحالين، ولذلك قال تعالى:{فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات}؛ فالمقتصد بين الظالم والسابق. وأصل القصد استقامة الطريق، وقصدت قصده: نحوت نحوه، زمنه الاقتصاد وهو على نوعين: الأول محمود مطلقًا وذلك فيما له طرفان: إفراط وتفريط، كالجود فإنه بين الإسراف والتقتير، وكالشجاعة فإنها بين الجبن والتهور وإلى هذا النحو من الاقتصاد أشار بقوله تعالى:{والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا}[الفرقان:٦٧]. والثاني يكنى عما يتردد بين المحمود والمذموم، وهو فيما يقع بين محمود ومذموم كالواقع بين الجور والعدل، والبعيد والقريب، وإليه أشار بقوله تعالى:{فمنهم ظالم لنفسه}.
قوله:{لو كان عرضًا قريبًا وسفرًا قاصدًا}[التوبة:٤٢] أي متوسطًا بين القرب والبعد، فهو غير متناهي الطرفين طولًا وقصرًا. وهذا مراد من فسره بقوله سفرًا قريبًا، والتحقيق ما قدمته، وقيل: معناه غير شاق.
قوله تعالى:{وعلى الله قصد السبيل}[النحل:٩] أي تبين الطريق الواضح المستقيم بالدلائل والبراهين. وفي الحديث في صفته عليه الصلاة والسلام:((كان أبيض مقصدًا)) أي ليس بجسيم ولا قصير. وقال شمر: هو القصد من الرجال نحو الربعة. وقولهم: أقصد السهم أي أصاب، وقتل مكانه كأنه وجد قصده، على المجاز. وأنشد:[من الكامل]
١٢٦٦ - فأصاب قلبك غير أن لم تقصد
وانقصد الرمح: انكسر، وتقصد: تكسر. وقصد الرماح: قطعها، وفي الحديث:((كانت المداعسة بالرماح حتى تقصدت)) أي تكسرت وصارت قصدًا. وناقة قصيد: