المعنى الأول: هو ما تؤول إليه حقائق الآيات الغيبية
إذا كان التأويل هو بيان المرجع والعاقبة والمآل، وردّ النص إلي صورته المادية الخارجية الواقعية، وتحديد ما تأول إليه حقائق الآيات، من الكيفيات والزمان والتفاصيل العملية، فهذا خاصّ بالله تعالى، ولا يعلمه الراسخون في العلم، ولا يدركون حقيقته ومآله وعاقبته، ولا يقدرون علي ردّ وإرجاع النصوص إلي صورتها الفعلية.
ولذلك يجعلون تأويل النصوص العمليّ خاصا بالله، ويسلّمون بعجزهم عن ذلك، ويعلنون إيمانهم به، ويقولون آمَنَّا بِهِ، كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا.
أما الذين في قلوبهم زيغ فإنه يتّبعون هذا المتشابه بهدف تأويله، والفتنة في تأويله، ويريدون الوقوف علي الصورة المادية للنصوص، وتحديد النهاية الفعلية التي تستقرّ عليها الأخبار، وبما أنّ هذا غير ممكن، لأنّ هذا التأويل العمليّ خاصّ بالله، لذلك يقعون في ليس وضلال! وعند ما نحمل التأويل علي هذا المعني، فإننا نجده يتفق مع معنى التأويل المذكور في السور الأخري، فقد سبق أن استعرضنا الآيات التي ورد فيها التأويل، حيث ورد سبع عشرة مرة في سبع سور قرآنية:
يوسف والكهف والأعراف ويونس والإسراء والنساء وآل عمران.
إنّ التأويل الوارد في هذه السور السبع سبع عشرة مرة يراد به هذا المعني، وهو ردّ الأشياء إلي حقائقها المادية، وإرجاع الأمور إلي صورتها العملية، وتحديد العاقبة والنهاية الواقعية للأخبار والوعود، وبيان ما تؤول إليه فعلا، وتستقرّ عليه واقعا، وتعيين كيفيتها وزمانها ومكانها وملامحها.
هذا معنى التأويل في رؤيا يوسف والسجينين والملك في سورة يوسف، والتأويل في أعمال الخضر الثلاثة أمام موسي في سورة الكهف، والتأويل في وقوع وحدوث مضمون الآيات التي تتحدث عن مشاهد القيامة في