نري المفسر فيها يفسر ألفاظ وكلمات القرآن، ويعتمد في تفسيره على الرواية والمأثور، ويورد في تفسير الآية ما في معناها من آيات أخري، ومن أحاديث نبوية صحيحة، ومن أقوال صحابة وتابعين، ومن أسباب نزول، وتفسير غريب، وناسخ ومنسوخ، وتوجيه قراءات، وشواهد أشعار. وهو في عمله هذا يفسر ظاهر الآية، ويورد المعنى القريب المتبادر منها، ونظرا لما عنده من نصوص يورد تفسير الآية من باب الجزم والقطع.
هذا كلّه تشمله المرحلة الأولي، التي هي البداية لفهم القرآن، والتي أسميناها «تفسير القرآن».
ونلاحظ توفّر المعنى اللغويّ الاشتقاقي للتفسير في هذه المرحلة، فالمفسر في عمله يبين معنى الآية ويشرحه ويظهره، ويفسره ويكشف عنه.
واعتماد المفسّر في هذه المرحلة على المعلومات التفسيرية العلمية الصحيحة، وعلى آراء من سبقوه من علماء التفسير، وجهده فيها في المعرفة والاطلاع، بهدف تكوين حصيلة علمية، تؤهله للانتقال للمرحلة الثانية، وتعينه على حسن تأويل القرآن.
[المرحلة الثانية تأويل القرآن]
ينتقل إليها المفسر ليكون مؤوّلا للقرآن، وينظر في القرآن على ضوء معلوماته التفسيرية التي حصّلها في المرحلة الأولي.
إنّ المؤوّل في هذه المرحلة: يمعن النظر في الجمل والتراكيب والآيات، ويعتمد في نظره على تدبره وإعمال عقله، وتقليب وجوه الرأي والنظر، وتنفذ نظراته إلي باطن الآية، ويلتفت إلي لطائفها وإشاراتها وإيحاءاتها، ويستخرج حقائقها ودلالاتها، ويلحظ المعنى البعيد غير المتبادر للذهن، وغير الظاهر من الآية، ويسجل التوجيه والرمز والومضة التي تشرق بها