للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهم الآية علي هذا المعنى للتأويل:

تتحدث الآية عن قسمين لآيات القرآن، وموقف فريقين من القسم الثاني، وتذمّ الفريق الأول، وتمدح الفريق الثاني.

الآيات المحكمات هنّ أم الكتاب، وهي معظم آيات القرآن، والآيات المتشابهات هي آيات أخر قليلة.

إنّ كلمة مُحْكَماتٌ في قوله: مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ اسم مفعول بصيغة جمع المؤنث السالم، وفعلها الماضي الرباعي «أحكم»، وإذا كانت هذه الآيات محكمات، فمن الذي أحكمها؟ إنه الله ربّ العالمين! المحكم مشتق من «الحكم»: والحكم في اللغة هو: المنع (١).

وقال الإمام الراغب في معناه «حكم: أصله: منع منعا للإصلاح» (٢).

أما المحكم، فقد عرفه الراغب بقوله: «المحكم: ما لا يعرض فيه شبهة، من حيث اللفظ، ولا من حيث المعني.» (٣).

وكم كان محمد بن جعفر بن الزبير دقيقا فطنا عند ما عرّف الآيات المحكمات بقوله: «فيهنّ حجة الرب، وعصمة العباد، ودفع الخصوم، والباطل، ليس لهنّ تصريف ولا تحريف عما وضعن عليه.» (٤).

الآيات المحكمات هي الآيات واضحات الدلالة والمعني، لا شبهة في ألفاظها أو معانيها، تمنع من تسرّب أفهام خاطئة لها، لا تحتمل إلا معنى واضحا مفهوما، لا تصريف لها، ولا تحريف لها عن وضعها اللغوي، وبسبب هذه الصفات لها، فقد تحققت بها حجة الله علي عباده،


(١) مقاييس اللغة: ٢/ ٩١.
(٢) المفردات: ٢٤٨.
(٣) المرجع السابق: ٢٥١.
(٤) سيرة ابن هشام: ٢/ ٢٢٦.

<<  <   >  >>