وقد لفت هذا نظر راوي الحديث ابن شهاب الزهري، فسأل شيخه عروة بن الزبير عنه: ما بال عائشة تتمّ الصلاة عند ما تسافر؟
فأجابه عروة قائلا: تأوّلت كما تأوّل عثمان! يشير عروة إلي ما فعله عثمان بن عفان رضي الله عنه، عند ما كان أمير المؤمنين، حيث ذهب إلي الحج، وفي مكة كان يتمّ الصلاة ولا يقصرها.
لقد سمّي عروة إتمام عثمان للصلاة رغم سفره تأويلا، لقوله تعالى: وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ... (١).
كما اعتبر إتمام عائشة للصلاة تأويلا لهذه الآية كما تأوّلها عثمان.
إن الآية تأذن للمسلمين في قصر الصلاة الرباعية عند ما يضربون في الأرض، ويخرجون للسفر.
وجملة إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ليست قيدا للقصر، بمعنى أنّ القصر ليس مقرونا بخوف فتنة الكفار، فإذا أمن المسلمون وزال الخوف والفتنة زال القصر.
إنّ هذه الجملة خرجت مخرج غالب أحوال الصحابة، حيث كانوا في حرب مع الكفار، وكانت أسفارهم فيها خوف الفتنة.
وبعد ما زال خطر الكفار، وانتهت الفتنة، وأمن المسلمون، استمرت رخصة قصر الصلاة.
قال الإمام ابن كثير في تفسير الآية: «وأما قوله: إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فقد يكون هذا خرج مخرج الغالب، حال نزول هذه