القسم الأول: لا يمكن لعالم تأويله إلا بالاطلاع علي تأويل الرسول صلّى الله عليه وسلّم له.
وقد أورد ثلاث آيات، تدلّ علي أنّ الله أوكل لرسوله صلّى الله عليه وسلّم مهمة بيان القرآن وتأويله، ثم قال:«إنّ مما أنزل الله علي نبيه صلّى الله عليه وسلّم، ما لا يوصل إلي علم تأويله إلا ببيان الرسول صلّى الله عليه وسلّم».
وذلك تأويل جميع ما فيه: من وجوه أمره ونهيه، ووظائف حقوقه وحدوده، ومبالغ فرائضه ... وما أشبه ذلك من أحكام آياته، التي لا يدرك علمها إلا بالبيان الذي قدّمه الرسول صلّى الله عليه وسلّم لأمته.
وهذا الوجه لا يجوز لأحد القول فيه، إلا ببيان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وتأويله، وذلك بالاطلاع علي بيان الرسول عليه الصلاة والسلام.
القسم الثاني: تأويله خاصّ بالله الواحد القهار، ولا يعلمه أحد من الناس.
وهو ما في القرآن من الخبر عن آجال حادثة، وأوقات آتية، كوقت قيام الساعة، والنفخ في الصور، ونزول عيسي بن مريم، وما أشبه ذلك.
فإنّ تلك الأوقات لا يعلم أحد حدودها، ولا يعرف أحد من تأويلها إلا الخبر بأشراطها. لأن الله استأثر بالعلم بها، ولم يطلع عليها أحدا من خلقه.
قال تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ، أَيَّانَ مُرْساها، قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي، لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ، ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ والْأَرْضِ، لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً، يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها، قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ، ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (١).