تري هذا التعريف للتأويل في كتب أصول الفقه، وعلم الكلام.
قال الإمام ابن تيمية في رسالة «الإكليل في المتشابه والتأويل» عن هذا المعنى للتأويل: «إنّ التأويل في عرف المتأخرين من المتفقهة والمتصوفة والمتكلمة والمحدّثة هو: صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلي المعنى المرجوح، لدليل يقترون به».
هذا هو التأويل الذي يتكلّمون عليه في أصول الفقه ومسائل الخلاف.
فإذا قال أحدهم: هذا الحديث أو هذا النص مؤول، أو محمول علي كذا، قال الآخر: هذا نوع تأويل، والتأويل يحتاج إلي دليل.
والمؤوّل عليه وظيفتان:
الأولي: بيان احتمال اللفظ للمعنى الذي ادّعاه.
والثانية: بيان الدليل الموجب للصرف إليه عن المعنى الظاهر.
«وهذا هو التأويل الذي يتنازعون فيه في مسائل الصفات، فقد يصنّف بعضهم في إبطال التأويل وذمّه، ويقول بعضهم: آيات الصفات لا تؤوّل.
ويقول الآخر: بل يجب تأويلها. ويقول الثالث: بل التأويل جائز، يفعل عند المصلحة، ويترك عند المصلحة، أو التأويل يصلح للعلماء دون غيرهم» (١).
فهذا هو الذي يعنونه من معاني التأويل الثلاثة، وهو الذي فيه التنازع والاختلاف، أما المعنيان الأوّلان السابقان للتأويل فلا تنازع ولا خلاف فيهما.
وقال الإمام أبو جعفر الطحاوي في عقيده يردّ تأويلات فرق المتكلمين لصفات الله، وذلك أثناء حديثه عن نفي المعتزلة لرؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة: «ولا يصحّ الإيمان بالرؤية لأهل دار السلام لمن اعتبرها منهم