أما تفصيله الموضوعي فقد تمثّل في الموضوعات التي عرضها والمعاني التي قدّمها، والأخبار التي أخبر عنها، والحقائق التي قررها.
تفصيله الموضوعي في حديثه عن الدنيا والآخرة، عن الحياة والموت والبعث، وفي تقريره لحقائق العقيدة والشريعة والأخلاق ومناهج الحياة، وفي عرضه لمسيرة التاريخ من خلال قصصه، وفي ربطه لكل ما يجري في الكون والحياة والانسان بقدر الله وأمره ومشيئته سبحانه.
لقد فصّل الله القرآن بعلمه فَصَّلْناهُ عَلي عِلْمٍ، وجعله هدي يهتدي به المؤمنون، ورحمة يرحم به المؤمنين، عند ما يؤمنون به، ويتدبّرونه، ويلتزمون بتوجيهاته، وينفّذون أحكامه: هُديً ورَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ.
هذا أثر القرآن في المؤمنين الذين صدّقوا بأخباره، وآمنوا بوعوده، فسعدوا في الدنيا، وفازوا وربحوا يوم القيامة.
أما الكفار فإنهم لم يؤمنوا به، ولم يصدقوا بأخباره، التي تخبر عن البعث بعد الموت، وعن قدوم الساعة، ومجيء يوم القيامة، ولما سمعوا الآيات التي تتحدث عن ذلك كذبوا بها.
لقد أخبرت آيات القرآن عن مشاهد القيامة، وتحدثت عن نفخة البعث، وخروج الناس أحياء من قبورهم، وسوقهم الي أرض الموقف للحساب والجزاء، وعن الميزان والصحف والصراط، وعن النار وألوان عذابها، وأحوال الكفار فيها، وعن الجنة وأصناف نعيمها وسعادة المؤمنين فيها.
وهذه المشاهد لم تقع الآن، لأننا ما زلنا في الدنيا، لكنها ستقع حتما، لأن الله أخبر عن وقوعها، ولذلك آمن المؤمنون بذلك.
أما الكفار فقد استبعدوا وقوعها واستهجنوه واستغربوه، ولذلك كفروا بها وأنكروها.