أن ننظر في معنى التأويل المذكور فيها، ونربطه مع معنى التأويل الوارد في السور الأخرى الذي عرضناه من قبل! يقرر الله حقيقة إنزال القرآن علي محمد صلّى الله عليه وسلّم: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ. وفي هذه الجملة إثبات أن القرآن كلام الله، وأن محمدا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، تلقي القرآن من عند الله عن طريق الوحي.
وتقسم الآية آيات القرآن إلي قسمين: مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ- هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ- وأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ.
«منه»: من: حرف جر، تدلّ علي معنى التبعيض، وتفيد التقسيم.
والضمير «الهاء» فيها، يعود علي القرآن. أي من القرآن آيات محكمات، ومنه آيات متشابهات.
آياتٌ مُحْكَماتٌ: من «الإحكام» وهي اسم مفعول.
هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ: هذه جملة معترضة، جيء بها لوصف الآيات المحكمات من القرآن بأنهن أمّ الكتاب، ولتقرير حقيقة في فهم الآيات والمتشابهات.
وأساس معنى «الأمّ» هو: الأصل والمرجع، فأمّ الطفل هي أصله، ومرجعه الذي يرجع اليه، وأمّ الجيش رايته التي يرجع الجنود إليها، وأمّ الرأس الدماغ، الذي يسيطر علي الجسم ويحركه.
وأمّ القرآن هي الفاتحة، التي هي أساس وأصل القرآن، وكلّ معاني القرآن ترجع إليها، وتنبثق منها.
ووصفت الآية الآيات المحكمات بأنهن أم الكتاب: هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ بالمفرد، ولم تقل: هنّ أمهات الكتاب بالجمع. لأن الآيات المحكمات كلها أمّ الكتاب، فينظر إليهن بمجموعهن علي أنهن أمّ، ولا ينظر لكل آية علي حدة.
وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ: هذا هو القسم الثاني من آيات القرآن، وهو الآيات