اعلم أنَّ (أنْ) تعمل في ضمير الشأن المقدر على سبيل الوجوب، وشذّ في غيره، وإن حكى بعض أهل اللغة في الضمير سعة مطلقًا، وجوّز بعض شيوخ المغاربة إعمالها من المُظْهَرِ مطلقا من غير ضعف، وبعضهم في الشعر على ضعف ضرورةً.
وعند سيبويه يجوز أن يكون ملغى لفظًا أو تقديرا، فتكون حرفًا مصدريا لا تعمل بشيء. في نحو:{عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ}، فأنْ هنا مخففة، واسمها ضمير الشأن محذوفًا، وإنما قلنا مخففة لأنها للتحقيق، فيناسب العلم، بخلاف (أنْ) المصدرية فإنّها للطّمع والرّجاء، ومن هنا يُعلم أن (أنْ) كلّما وقعت بعد العِلْمِ تكون مخففة، وبعد الظن يحتمل الوجهين، ولهذا قيدَ {وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ} بقوله في قراءة الرفع, لأن الحسبان يجوز أن يكون بمعنى العلم، فتكون أنْ مخففة، وبمعنى الشك والظن، فتكون مصدريه.
وكذا أي: تكون أن مخففة كما في علم أن سيكون، حيث وقعت بعد علم أو ظن نزل منزلة العلم.
والحاصل أنَّ (أنْ) إذا وقعت بعد ظن تستعمل في معنى العلم تكون مخففة جزمًا وإذا وقعت بعد ظن تستعمل في معناه الحقيقي.
يجوز الوجهان لأن الظن باعتبار [رجحان الفعل شابه العلم وباعتبار] احتمال النقيض كان مخالفا للعلم. فالحق: