للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وزعم بعضهم: لا تكون قد للتوقع مع الماضي، لأنَّ التوقُّع انتظار الوقوع والحال أنّ الماضي قد وقع، فإنّ جواز دخولها يلزم الجمع بين المتنافيين.

وقال الذين أثبتوه، أي: التوقّع مع الماضي: إنَّها تدلَّ على أنَّه أي قد يدلّ أنّ الفعل كان منتظرًا قبل وقوعه. [لأنَّه] متوقع بعد وقوع الفعل، فلزوم اجتماع المتنافيين مرفوع بالحمل على اختلاف الزَّمانين، تقول: قد ركب الأمير لِقَوْم ينتظرون هذا الخبر، وإنَّما قيَّد به لانَّه إذا قلت: هذا الجر لقوم لا ينتظرون، يكون للتحقيق مع التقريب من غير توقّع، ويتوقعون الفعل.

حاصله: ما ذكره في "شرح اللّبّ": لأنَّه كان يتوقع ثم صار ماضيًا نحو: قد قامت الصَّلاة لقوم قاموا خلف الإمام ينتظرون قول المؤذن: قد قامت الصَّلاة، فعلى هذا: قد لانتظار الإخبار بخبر يعتقد المتكلم به، يتوقع منه المخاطب. انتهى.

فيكون التوقّع في الأصل لفعل الذي لا يوجد بالفعل، فَينتظر إلى وقوع الفعل، فيقع ويخبر بعد ذلك، ولو كان مراد الزَّاعم أنَّها لا تكون للتوقّع في الماضي الذي هو الخالص للمُضيِّ من غير نظر إلى زمان الاستقبال، يكون كلامه حقًّا، ولكن النُّحاة قالوا: قد للتوقّع بمعنى المذكور.

الخامس: تقريب الماضي من الحال ولهذا، أي لأجل كونها للتقريب. تلزم مع الماضي المثبت إذا لم تكن واقعًا بعد إلَّا الواقع حالًا عند البصريين بخلاف مذهب الكوفيين، فإنَّهم لا يوجبونها (قد) ظاهرة ولا مقدّرة، ووافقهم ابن مالك حيث قال: هذه دعوى مجرّدة لا تقوم عليها حجة إمّا.

ظاهرة نحو: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ}.