أي: أترك كثيرًا ما مماثلي في الحرب، حال كون أنامله ملوّنًا بالصّفر، قال الجوهري: وقد يكون بمعنى ربَّما. وأنشد هذا البيت، ولا يظن أنّه مخالف لما قال المصنف حيث قال الزمخشري في آخر سورة النور:"إنَّ (قد) إذا دخلت على المضارع كانت بمعنى ربَّما فوافقت ربَّما في خروجها إلى معنى التكثير.
وذكر صاحب "التسهيل": أن ربَّما ليست للتقليل، بل هي حرف تكثير، والتقليل نادر، ووقع في بعض شروح "الكافية": وهذا الذي ذُكر من التقليل أصلها، ثم تستعمل في معنى التكثير كالحقيقة، وفي التقليل كالمجاز المحتاج إلى القرينة".
وقاله، أي: اختار الزمخشري كونها للتكثير في قوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} فالكثرة في الآية باعتبار متعلِّق الفعل، وهو تقلّب وجه الرسول -عليه السَّلام- لا في وقوع الفعل وهو الرؤية، وفي البيت في وقوع الفعل مع [قطع] النظر عن متعلّقه، المصنف لم يذكر كون التكثير متنوّعًا اعتمادًا على ذكر المثالين، واكتفى بما سبق.
اعلم أن (قد) التي للتحقيق والتكثير والتوقّع قد تجتمع، وقد يستعمل كل واحد منها مجرّدًا عن الآخر. والتقليلية تجتمع مع التحقيقية، لكن لا تجتمع مع التكثيرية، هكذا فُهم من الرضيّ.