اعلم أن أكثر النحويين زادوا في الاعتماد على الستة، الاعتماد على حرف النّداء نحو: يا طالعًا جبلًا، لكن المحققين جعلوه في حكم الاعتماد على الموصوف. أي كوكبًا طالعًا جبلًا، وعند الإمام المرزوقي يجوز الاعتماد على حروف الجر، فقولهم: يجب الاعتماد على الأشياء الستة مبني على أكثر الاستعمال.
تنبيه: وسَمَ هذا البحث بالتنبيه لأنه قد سبق منه ذكر ما فإن التنبيه إنما يستعمل فيما يتعلّق به ضربٌ من العلم أو كان حكمه في حكمه كالبديهيات. جميع: مبتدأ مضاف إلى ما ذكرناه في الجار والمجرور ثابت، خبره: في الظرف سواء كان ظرفًا حقيقيًا، أو ما جرى مجراها، فلابُدَّ من تعلّقه بفعل مثال الظرف نحو:{وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ}.
قال أبو البقاء فيه وجهان:
أحدهما: ظرف متعلّق بجاؤوا، أي: جاؤوا وقت العشاء، ويبكون: حال منه.
والثاني: جمع عائش، كقائم وقيام.
قال الشَّيخ البيضاوي: وقرئ عُشِيًا، وهو تصغير عُشيّ وعُشيّ بالضمّ، والقصر جمع أعشى أي: عَشَوْا من البكاء. انتهى.
قال في "الصحاح": العشيّ والعشيّة من صلاة المغرب إلى العتمة، تقول: أتيته عَشِيّ أمس، وعشيّة أمس، والتصغير من العشي عُشَيَّانٌ على غير مكبّره، كأنهم صغروا عَشْيَانًا، فيُفْهَمُ منه أن لا يكون تصغير عشيّ عشيًّا، وقوله: عَشَوْا من البكاء، معناه يتعامَوْن عن البكاء، يقال: عِشي بالكسر، إذا كان في بصره آفة، وعَشي بالفتح إذا تَعَشّى بلَا آفة، فيكون مشتقًا من المفتوح، فعلى هذا يندفع على ما قيل فيه بُعْدٌ وضَعْفٌ لأن قدر ما بكوا في ذلك اليوم لا يعشى به إنسان. ومثال ما جرى مجرى الظرف نحو:{أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا}. فأرضًا نكرة مبهمة فلذلك نصب