ومما يعينه على الحزم ألا يسمح لطالب بأن يسيء للفصل أو لأحد من زملائه.
ومن ذلك أن يتابعهم في واجباتهم، وأن ينجز الوعد إذا وعد أحدًا من تلاميذه.
وبالجملة فالحزم مطلوب، وهو من علامات النجاح، ومن مقومات المروءة، بشرط ألا يصل إلى التسلط والاستبداد، والشدة المفرطة، والصرامة المتعدية لأطوارها؛ لأن تلك الطريقة تفسد الجيل، وتغرس فيه رذائل مهلكة؛ إذ تسلب من الطالب جميع عزائمه وسائر إرادته، وتحمله على الكذب والنفاق، وتغرس فيه الجبن والخور، وتُبَغِّض إليه العلم والقراءة، كما أنها تحول بينه وبين عزة النفس، وما يتبعها من قوة الجأش، وأصالة الرأي، وإرسال كلمة الحق عندما يقتضيها المقام؛ فيكون ألعوبة بين معاشريه كالكرة المطروحة يتلقفونه رجلًا رجلًا، وآلة يستعملونها فيما يشتهون.
ولئن كانت الشدة مطلوبةً مع بعض النفوس التي لا يَرُدُّ جماحَها غيرُ الشدة -فإن من النفوس ما لا يأسرها إلا الجميل من القول، ولا يُرَدُّ جماحها إلا بزمام الرفق والملاطفة، وهذا ما سيتبين في الفقرة التالية. (١)
(١) انظر السعادة العظمى ص٩٩، وآثار الشيخ محمد البشير الإبراهيمي ٣ / ١٦٣، وفي أصول الأدب للزيات ١٢٥.