للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

د - ألا يزدري أحدًا من الطلاب: حتى الكسالى منهم، بل يحسن به أن ينزل إليهم، وأن يأخذ بأيديهم؛ كي يرفعوا من شأنهم؛ فما يدريه لعل في ثياب ذلك المُحْتَقَرِ أسدًا هصورًا.

ومما ينبغي التنبيه عليه أن التواضع -كما أنه تنزه عن الكبر - لا يعني التذلل ولا الضعة، فالكبر مذموم، والضعة والتذلل داخلان في المذموم، أما التواضع فكان بين ذلك قوامًا.

فالضعة ترجع إلى أن يغمط الإنسان نفسه حقها، ويضعها في مواضع أدنى مما تستحق أن يضعها.

والمتواضع من يعرف قدره، ولا يأبى أن يرسل نفسه في وجوه الخير، وما يقتضيه حسن المعاشرة.

وإذا كان من يحتفظ بالعزة، ولا يصرف وجهه عن التواضع هو الرجل الذي يرجى لنفع الأمة، ويستطيع أن يخوض في كل مجتمع ضافي الكرامة، أنيس الملتقى، شديد الثقة بنفسه -كان حقًا على من يتولى تربية الناشئ أن يتفقده في كل طور، حتى إذا رأى فيه خمولًا، وقلة احتراس من مواقع المهانة أيقظ فيه الشعور بالعزة، والطموح إلى المقامات العلا.

وإذا رأى فيه كبرًا عاتيًا، وتيهًا مسرفًا خفَّفَ من غلوائه، وساسه بالحكمة، حتى يتعلم أن المجد المؤثل لا يقوم إلا على دعائم العزة والتواضع. (١)


(١) انظر رسائل الإصلاح ١ / ١٢٩ -١٣٠.

<<  <   >  >>