فالمعلم قدوة، ومثال يُحتذى -كما مر - آنفًا -ومما يحسن به أن يعتدل في ملبسه؛ لأن الملبس عنوان على انتماء الشخص، بل تحديدٌ له، وهل اللباس إلا وسيلة من وسائل التعبير عن الذات؟ فكن حذرًا في لباسك؛ لأنه يُعبِّر لغيرك عن تقويمك في الانتماء، والتكوين والذوق.
ولهذا قيل: الحلية في الظاهر تدل على ميل الباطن.
والناس يُصَنِّفونك من لباسك، بل إن كيفية اللبس تعطي الناظر تصنيف اللابس من الرصانة، والتَّعَقُّل، أو التمشيخ والرهبنة، أو التصابي وحب الظهور؛ فخذ من اللباس ما يزينك ولا يشينك، ولا يجعل فيك مقالًا لقائل، ولا لمزًا للامز (١)
فالإسلام - وإن عني بتزكية الأرواح، وترقيتها في مراقي الفلاح - لم يبخس الحواس حقها، بل قضى للأجسام لبانتها من الزينة والتجمل بالقسطاس المستقيم.
فالتجمل والعناية بالمظهر - في حد ذاته - أمر حسن؛ فالله -عز وجل - جميل يحب الجمال، ويحب أن يُرى أثر نعمته على عبده.
وإنما المحذور هو المبالغة في التجمل، وصرف الهمة للتأنُّق، واشتداد الكلف بحسن البزة والمظهر؛ فهذا الصنيع يقطع عن الاهتمام بإصلاح النفس، ويومئ إلى نقص متأصل.
(١) . حلية طالب العلم للعلامة د. بكر أبو زيد ص١٤ -١٥.