فمن آفات المعلمين أن منهم من يجعل الدرس ميدانًا لسرد سيرته الذاتية بمناسبة أو بغير مناسبة، وربما سايره الطلاب وجاملوه، فظن أن ذلك دليلُ فضله، وآية إعجابهم بشخصه.
فلا تحفل -أيها المعلم المفضال - بالحديث عن نفسك، واجعل أعمالك تتحدث عنك؛ فذلك أبلغ وأكرم.
ثم إن كان عندك من فضل فثق بأن الله سينشره، ولن تُظلم فتيلًا.
يخفي محاسنه والله يظهرها ... إن الجميل إذا أخفيته ظهرا
ثم إن الأصل في مدح الإنسان نفسه المنع؛ لقوله -عز وجل -: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ}(النجم: ٣٢) .
وتزكية النفس داخلة في باب الافتخار غالبًا.
فإن وجد ما يقتضي الحديث عن النفس أو تزكيتها -إما لتعريف الإنسان بنفسه، وإما لدفع تهمة، أو لتوضيح أمر مبهم، أو كان المرء بين قوم لا يعرفون مقامه؛ فخشي أن تُصْدَع قناة عزته، أو نحو ذلك -فإن الحديث عن النفس أو تزكيتها -والحالة هذه - جائز لا غبار عليه.
قال النووي: واعلم أن ذكر محاسن نفسه ضربان: مذموم، ومحبوب.
فالمذموم أن يذكر للافتخار، وإظهار الارتفاع، والتميز على الأقران، وشبه ذلك.