للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

و - لا تخالف الناس فيما لا يضرك في دنياك ولا أخراك: فمن جميل المعاشرة أن ترميك الغربة في بلدٍ ما، فتجد أن خلائق أهلها وعاداتهم على غير ما تعرف، فتترك كثيرًا مما كنت تعرف، وتأخذ بما يأخذون به؛ فإن ذلك من جميل المعاشرة، ومن حسن المداراة.

فدارهم ما دمت في دارهم ... وأرضهم ما دمت في أرضهم

(١)

وكل هذا مشروط بألا يكون فيما تأتي أو تذر محذور شرعي؛ فإن كان ثم محذور شرعي تَعَيَّن تقديمُ الأمر الشرعي على كل عادة وعُرف.

قال ابن حزم: إياك ومرافقةَ الجليس السيء، ومساعدة أهل زمانك فيما يضرك في أخراك أو في دنياك، وإن قل؛ فإنك لا تستفيد بذلك إلا الندامة حيث لا ينفعك الندم، ولن يحمدك مَنْ ساعدته، بل يشمت بك، وأقل ما في ذلك -وهو المضمون - أنه لا يبالي بسوء عاقبتك، وفساد مغبتك.

وإياك ومخالفةَ الجليس، ومعارضةَ أهل زمانك فيما لا يضرك في دنياك ولا في أخراك وإن قل؛ فإنك تستفيد بذلك الأذى والمنافرة والعداوة.

وربما أدى ذلك إلى المطالبة والضرر العظيم دون منفعة أصلًا. (٢)

قال أحد الحكماء:

إن جئت أرضًا أهلها كلهم ... عُورٌ فَغَمِّضْ عينك الواحده

(٣)


(١) عين الأدب والسياسة ص١٥٥.
(٢) الأخلاق والسير ص٦١.
(٣) عين الأدب والسياسة ص٢٧٩

<<  <   >  >>