للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: ٦]، وقال تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [المائدة: ٥٥] هذه الولاية بين المسلمين وسيَّد الخلق محمد - صلى الله عليه وسلم - التي بيَّناها الآن في القرآن إنما هي بقوة رابطة الإسلام، وهذه الرابطة جعلت المؤمنين في أقطار الدنيا بعضهم أولياء بعض، قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: ٧١].

ولقوة هذه الرابطة ربطت بين بني آدم في الأرض وبين الملائكة الكرام من فوق سبع سموات، كما نصّ الله على ذلك في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ} [غافر: ٧] فوصف حملة العرش فوق سبع سماوات بأنهم يؤمنون بالله، ثم بين من نتائج ذلك ما نصّ عليه في قوله: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [غافر: ٧]، فوصف بني آدم بالإيمان أيضًا، فعلم من الآية أن الرابطة بين الملائكة وبين الآدميين هي الإيمان، كان من نتائج هذه الرابطة أن دعوا -الملائكة- للآدميّين هذا الدعاء العظيم الذي ذكره الله في القرآن العظيم في قوله: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ} إلى آخر الآيات [غافر / ٧]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [فصلت: ٣٠، ٣١] فقول الملائكة للآدميين: {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ} تلك الولاية فيه برابطة دين الإسلام.

فإذا تبين من هذه الآيات القرآنية أن رابطة الإسلام لشدّة قوتها ربطت بين الخلق والخالق، وبين الأمّة والرسول العظيم، وبين

<<  <   >  >>