للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واسطة بينهما، فيه التجافي عن طرف الإفراط وطرف التفريط، والعلماء ضربوا لهذا أمثلة: فمن أمثلة هذا قضية عيسى، فإن النصارى هلكوا فيه بالإفراط، واليهود هلكوا فيه بالتفريط. ومن أمثلة هذا: أعمال العبد، فإن الجبرية هلكوا فيها بالإفراط، والقدرية هلكوا فيها بالتفريط، كذلك مذاهب العلماء أفرط فيها قوم وفرط فيها آخرون، فرط فيها قوم كابن حزم وأتباعه حيث حملوا على الأئمة رضي الله عنهم وأرضاهم وعابوهم، واعتقدوا أنهم مشرعون من تلقاء أنفسهم يقولون على الله ما لم يرد به دليل من كتاب ولا سنة، فهذا تفريط في الأئمة، وقوم أفرطوا في الأئمة فجعلوا يقدمون كلامهم على كلام الله ورسوله، وهذا إفراط لا يجوز، والمذهب الحق وسط بين الأمرين، أنه إن وُجِد نص من كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - فهو مقدم على قول كل أحد، والأئمة الأربعة صح عن كل واحد منهم ما معناه أنه إن وُجد قوله يخالف كتابًا وسنة ضُرب بقوله الحائط، هان لم يوجد في المسألة نص أو وُجدت فيها نصوص ظاهرها التضارب تحتاج إلى ترجيح فطبعًا تقليد المجتهد الذي فيه أهلية الاجتهاد كمالك ونظرائه أقرب إلى الصواب.

[السؤال التاسع عشر: ] (١) قال تعالى في كتابه العزيز: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ ... } [المائدة: ٥] إلى آخر الآية الكريمة، فأباح تزوج الكتابية بنص القرآن العزيز، فكيف ساغ لخليل أن يقول: "إلا الكتابية بِكُرهٍ". مع علمي أن المكروه من قبيل الجائز؟


(١) السؤال التاسع عشر، والعشرون من الشريط الرابع.

<<  <   >  >>