للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجواب: أما أنا فقد يدخل عليّ الوقت مرارًا وأنا في الطائرة، وأصلي فيها، وأرى أن الإنسان إذا دخل عليه الوقت يصلي في الحالة التي هو بها؛ لأن الله يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦]، والنبي يقول: "إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم" (١) ولا سيما إذا كان يركع ويسجد والقبلة يعرفها، وهذا الشائع في الناس أنه لا بد من الأرض، ويستدلون بحديث: "جُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا" (٢)، وأنا لم أجد له مَقْنَعًا في كتاب الله ولا في سنّة نبيِّه؛ لأن حديث: "جُعلت في الأرض مسجدًا وطهورًا" صيغته لا تقتضي عمومًا بإجماع أهل اللسان العربي، وإجماع الأصوليين، ولو اقتضت العموم لما كان الماء طهورًا أبدًا؛ لأنه لو حصرنا الطهور والمسجد فيه لكان الطهور محصورًا في نفس التراب، مع أن المالكية يقولون: إنها لا تطهر حدثًا ولا خبثًا ولا ترفع الحدث، وكل نصّ سيق للامتنان لا مفهوم له، ومن هنا أجمع عامة العلماء


(١) أخرجه البخاري، كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: الاقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. حديث رقم (٧٢٨٨) ١٣/ ٢٥١، ومسلم، كتاب الحج، باب: فرض الحج مرة في العمر، حديث رقم (١٣٣٧) ٢/ ٩٧٥، وفي كتاب الفضائل، باب: توقيره - صلى الله عليه وسلم - وترك إكثار سؤاله عما لا ضرورة إليه، ورقمه في كتاب الفضائل (١٣٠) ٤/ ١٨٣٠ - ١٨٣١.
(٢) رواه جماعة من الصحابة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كأبي هريرة وجابر وحذيفة، وأبي أمامة، وأبي ذر، وعبد الله بن عمرو، وابن عباس وعلي رضي الله عنهم أجمعين. ومن هذه المرويات ما أخرجه الشيخان أو أحدهما، ومنها ما أخرجه غيرهم، وبالجملة فالحديث متواتر ولا يسع تتبع تخريجه في هذه التعليقات المختصرة.

<<  <   >  >>