للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فاعل والمرأة مفعول به، هذه أمور محسوسة لا يمكن أن ينكرها إلا مكابر، ونحن نضرب لكم مثلًا حسيًّا في ذلك: لو أردنا أن نرغم رجلًا على امرأة لا يحبها ولا يريدها وأراد أن يطلقها، وقلنا مجاراةً للإفرنج على سبيل الفرض: لا، لا يمكنك أن تطلقها، ولابد أن تبقى معها! ! فهذه المرأة لو أرادت أن تَغلَقَ من هذا الرجل بحمل -والحمل هو أكبر الأغراض في النكاح- فإنها إذا أرادت أن تجامعه لتعلق منه بحمل، لا ينتشر ذكره إليها ولا تقدر أن تصل منه على فائدة، هذا أمرٌ مشاهد ملموس، بخلاف الرجل فإنه قد يُحبلها وهي راغمة كارهة فتلد فارسًا فيه خير البشرية جمعاء، كما قال أبو كبير الهذلي (١):

ممن حملن به وهن عواقد ... حبك النطاق فشب غير مُهبَّل

حملت به في ليلة مزؤودة ... كرهًا، وعقد نطاقها لم يُحلل

فهذه أمور محسوسة تبين أن الرجل زارع وأن المرأة مزرعة، ولا أصدق من الله حيث يقول: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: ٢٢٣] تُبذر فيه النطف حتى تستحصد.

وهذه المزرعة تقوم للإنسانية باعمال وخدمات هائلة لا يوجد مثلها، فالمرأة تقوم للإنسانية بأعظم مما يقوم به الرجل.

فإذا عرفنا من القرآن ومن الأمور المحسوسة أن المرأة مزرعة


(١) ديوان تأبط شرًّا (ص ٨٨)، الكامل (١/ ١٧٥)، مغني اللبيب (٢/ ١٩٣)، شواهد الكشاف (ص ١٠٥).

<<  <   >  >>