الخصوم، وذكر فيها دعائم الإسلام من صلاة وصوم وزكاة وحج، وذكر فيها العمرة، وأكل الحلال، والأحوال الشخصية من نكاح وطلاق وخُلْع، والمعاملات كالديون والربويات والوثائق والشهادات والرهون، وما جرى مجرى ذلك.
نلفت أنظار إخواننا إلى التَّرتيب الغريب العجيب الذي فعله الله في هذه السورة:
أولًا ابتدأ الله هذه السورة الكريمة بحروف مقطعة {الم (١)} وهذه الحروف المقطعة لا شك أنَّها تُلفت نظر السامع إلى ما يُتكلم به بعدها وتجعله متعطشًا عليه.
والآن ليس مرادنا الكلام على الحروف المقطعة لأنَّه كلام يستغرق الوقت كله، ولكن لما ذكر الله هذه الحروف المقطعة وابتدأ بها هذه السورة العظيمة قال:{ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيبَ فِيهِ} فبين أن هذا الكتاب المشتمل على خير الدُّنيا والآخرة الذي هو النور المبين، والحبل المتين، الذي أوضح الله به العقائد، والحلال والحرام، وجميع خير الدُّنيا والآخرة لا تتطرقه الرِّيب ولا الشكوك؛ لأنَّ معجزته أوضح من أن يتطرق إليه شك.
ومعروف أن للسائل أن يقول: كيف يقول: {لَا رَيبَ فِيهِ} بـ "لا" التي لنفي الجنس، مع أن قومًا ارتابوا فيه وحصل منهم ريب، كقوله في قوم: {وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (٤٥)} [التوبة / ٤٥]؟
ونحن نقول: الجواب: أن القرآن بالغ من كمال المعجزة وإيضاح