واجبًا على كل إنسان منا أن ينظر فيها ويتأمل حيث قال: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (٥)} [الطارق: ٥] هذا أمر واجب من خالق الكون؛ لأنَّ المقرر في علوم المعاني وعلوم الأصول: أن صيغ الأمر الأربعة تدل على الوجوب حتمًا إلَّا إذا صرف عنه صارف، وهذا هو الحق. وصيغ الأمر الدّالة على الوجوب في اللُّغة العربيَّة معلوم أنَّها أربع صيغ:
الثالث: اسم فعل الأمر، نحو:{عَلَيكُمْ أَنْفُسَكُمْ}[المائدة / ١٠٥].
الرابع: المصدر النائب عن فعله، نحو:{فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ}[محمد / ٤](فضرب الرقاب) يعني: اضربوا رقابهم.
هذه صيغ الأمر. وصيغة الأمر هنا في {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ} هي تقتضي الوجوب الحتم، {مِمَّ خُلِقَ (٥)}؟ والإنسان له رحلة يجب على المسكين أن يتأملها وينظر فيها ليعلم قدره ويعلم عظمة من خلقه، أمر الله بالنظر فيها في قوله: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (٥)} [الطارق / ٥] وبين للخلق ماخلقهم منه قال: {كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ}[المعارج / ٣٩] ترى الذي خلقناكم منه هو الذي تعرفوه.
وقد أوضح الله -تعالى- رحلة الإنسان إيضاحًا يُعرَف الإنسان بنفسه ويُعرفه بربه، ذلك الإيضاح في سورة {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١)} وذلك أن هذا الإنسان الذي يطغى ويبغي ويغزو الفضاء ويحاول يتمرد