وهذا بعينه هو الذي أوجب لِعُباد القبور اتخاذها أعياداً، وتعليق الستور عليها، وإيقاد السُّرُج، وبناء المساجد عليها، وهو الذي قصد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إبطاله ومَحْوه بالكلية، وسَدّ الذرائع المفضية إليه، فوقف المشركون في طريقه وناقضوه في قصده، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شِقٍّ وهؤلاء في شِقّ.
وهذا الذي ذكره هؤلاء في زيارة القبور والشفاعة التي ظنوا أن آلهتهم تنفعهم بها، وتشفع لهم عند الله، قالوا:«فإنَّ العبد إذا تعلّقت رُوحه بروح الوجيه المقرب عند الله وتوجّه بِهِمَّته إليه، وعكف بقلبه عليه، وصار بينه وبينه اتصال يفيض عليه مما يحصل له».
وشبَّهوا ذلك بمن يخدم ذا جاه وحَضْوَة وقُرب من السلطان وهو شديد التعلّق به، فما يحصل لصاحب الجاه من السلطان من الإنعام والإفضال ينال ذلك المتعلّق به بحسب تعلّقه