شَبَّهَ سَوَادُ اللَّيْلِ بِالبَحْرِ تَكْثِيْرًا لِكَثَافَتِهِ وَتَرَاكُمِهِ لَا لأَنَّهُ شَبَّهَهُ فِي الحَقِيْقَةِ. وَكَقَوْلِ الآخَر وَهُوَ أَبُو القَاسَمِ الزَّاهِي (من شعراء سيف الدولة الحمداني وصَّاف محسن كثير المُلح والطُّرف والغواد - في شعرِهِ):وَمُلتفِتَاتٍ بِاللِّحَاظِ كَأَنَّمَا ... سَلَلْنَ سُيُوْفًا وَانْتَضَيْنَ خَنَاجِرَاسَفَرْنَ بُدُوْرًا وَانتَقَبْنَ أَهِلَّةً ... وَمِسْنَ غُصُوْنًا وَالتفَتْنَ جَآذِرَاوَأَطْلَعْنَ فِي الأَجْيَادِ بِالدّرِّ أَنْجُمًا ... جُعِلْنَ لِحَبَّاتِ الثُّغُوْرِ ضَرَائِرَاوَمِثْلُ قَوْله: "سَفَرْنَ بدُوْرًا" قَوْلُ أَبِي الطَّيِّبِ:بَدَتْ قَمَرًا وَمَالَتْ خُوْطَ بِانٍ ... وَفَاحَتْ عَنْبَرًا وَرَنَتْ غَزَالَا(١) (بيت أبي تمام) يُرِيْدَ أنَّ هَذَا المَمْدُوْحَ خَيْرُهُ يَشْتَمِلُ عَلَى القَاصِي عَنْهُ وَالدَّانِي مِنْهُ كَالغَيْثِ يَعُمُّ حَيَاةُ المُقِيْمُ وَالرَّاحِلُ تَكْثيْرًا لِفَضلِهِ وَإِحْفَالًا بِكَرَمِهِ.وَأَبْلَغُ مِنْ هَذَا قَوْلُ البُحْتُرِيّ فِي المَدْحِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ بَابِ التَّشْبِيْهِ (١):قَدْ قُلْتُ لِلْغَيْمِ الزّكَامِ ولج فِي ... إبْرَاقِهِ وَالِج فِي إِرْعَادِهِلَا تَعرِضَنَّ لِجَعْفَرٍ مُتَشَبِّهًا ... بِنَدَى يَدَيْهِ فَلَسْتَ مِنْ أَنْدَادِهِأَمَرَ العَطَاء فَفَاضَ مِنْ جمَّاتِهِ ... وَنَهَى الصَّفِيْح فَقَرَّ فِي إِغْمَادِهِوَهَذَا كَلَامٌ عُلوِيٌّ لَا تَرْتَقِي إِلَيْهِ كُلّ فكْرَةٍ وَتُقَصِّرُ عَنِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ كُلُّ قَرِيْحَةٍ وَقَوْلُهُ أَيْضًا (٢):تَبَسَّمَ وَقُطُوْبٌ فِي نَدًى وَوَغًى ... كَالبَرْقِ وَالرَّعْدِ وَسْطَ العَارِضِ البَرِدِأَعْطَيْتَ حَتَّى تَرَكْتَ الرِّيْحَ جَاسِرَةً ... وَجُدْتَ حَتَّى كَأَنَّ الغَيْثَ لَمْ يَجُدِ =
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute