فَقَالَ لَهُ مَا مَنَعَكَ مِنَ الخُرُوْجِ إِلَى عَمَلِكَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ لَكَ أَجْرَ المُجَاهِدِ فِي سَبيْلِ اللَّهِ قَالَ لَا قَالَ وَكَيْفَ قَالَ الرَّجُلُ لأَنَّ رَسوْلَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ وَاَلٍ يَلِي شَيْئًا مِنْ أُمُوْرِ المُسْلِمِيْنَ إِلَّا أَتَى يَوْمَ القِيَامَةِ وَيَدهُ مَغْلُوْلَةٌ إِلَى عِنْقِهِ فَيُوْقَفُ عَلَى جِسْرٍ مِنَ النَّارِ فَيَنتفِضُ بِهِ ذَلِكَ الجِّسْرُ انْتِفَاضَةً يُزِيْلُ كُلَّ عُضْوٍ مِنْهُ عَنْ مَوْضِعِهِ ثُمَّ يُحَاسَبُ فَإِنْ كَانَ مُحْسِنًا نَجَّاهُ بِإِحْسَانِهِ وَإِنْ كَانَ مُسِيْئًا انْخَرَقَ بِهِ ذَلِكَ الجِّسْرُ فَهَوَى فِي النَّارِ سَبْعِيْنَ خَرِيْفًا. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ مِمَّنْ سَمِعْتَ هَذَا قَالَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ وَسِلْمَانَ الفَارِسِيّ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهمَا عُمَرُ فقَالا نَعَمْ سَمِعْنَاهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ عُمَرُ وَاعُمَرَاهُ مَنْ يَتَوَلَّاهَا بِمَا فِيْهَا يعْنِي الخلَافَةَ فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ من سَلَّتَ اللَّهُ إلِفَهُ فَبَكَى عُمَرٌ عِنْدَ ذَلِكَ حَتَّى رَحَمَهُ الحَاضِرَوْنَ. وَقَالَ الأَوْزَاعِيّ فِي مَوْعِظَةٍ لِلمَنْصُوْرِ هَذِهِ أَيْضًا يَا أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَسْمَعَ وَلَا تعْمَلَ فَيَصيْرُ ذَلِكَ حجَّةً عَلَيْك يَوْمَ القِيَامَةِ قَالَ المَنْصُوْرُ: كَيْفَ يَكُوْنُ ذَلِكَ وَلَهُ أقدمتك عَنْهُ أَسْأَلَكَ فَقَالَ: حَدَّثَنِي مَكْحُوْلُ عَنْ عَطيَّةَ بنِ بُشْرٍ قَالَ رَسُوْلُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيّمَا عَبْدٍ جَاءَتْهُ مَوْعِظَةٌ مِنَ اللَّهِ فِي دِيْنِهِ فَإِنَّهَا نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ فَإِنْ قَبلَهَا بِشُكْرٍ وَإِلَّا كَانَتْ حجَّةً مِنَ اللَّهِ عَلَيْهِ لِيَزْدَادَ بِهَا إِثْمًا وَيَزْدَادَ اللَّهُ بهَا عَلَيْهِ سُخْطًا. يَا أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ قَالَ عُمَرُ بن الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَو مَاتَتْ سَخْلًةٌ عَلَى شَاطِئِ الفُرَاتِ ضَائِعَةٌ لَخِفْتُ أَنْ أُسْأَلَ عَنْهَا فَكَيْفَ بِمَنْ حُرِمَ عَدْلكَ وَهُو عَلَى بِسَاطَكَ. يَا أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ إِنَّكَ أُبْلِغْتَ بِأَمْرٍ لَو عُرِضَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالجِبَالِ لأَبَيْنَ أَنْ يَخْلَفهُ وانقضى مِنْهُ يَا أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ أَنْ المُلْكَ لَو بَقِيَ لِمَنْ كَانَ قَبْلِكَ لَمْ يَصلْ إِلَيْكَ فَكَذَلِكَ لَمْ يَبْقَ لَكَ كَمَا لَمْ يَبقَ لِغَيْرِكَ. وَذَكَرَ الأَوْزَاعِيّ لِلمَنْصُوْرِ مَوَاعِظَ كَثيْرَةً فَبَكَى المَنْصُوْرُ حَتَّى ابْتَلَّ ثَوْبَهُ وَقَالَ لَهُ جَزَاكَ اللَّهُ عَنْ مَوْعِظَتِكَ لإمَامِكَ خَيْرًا.
[من البسيط]
٣٨٩٤ - المُلْكُ بَابِلُ وَالأَحْرَارُ فَارِسُ ... وَالإسْلَامُ مَكَّةُ وَالدنيا خُرَاسَانُ
[من الطويل]
٣٨٩٥ - أَلمَّتْ مُلَمَّاتٌ فَأَبْقَت بَقِيَّةً ... وَهَذِي الَّتِي لَمْ تُبْقِ لَمَّا أَلَمَّتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute