للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن فوائد هذا الكتاب أن يروي لك من المعلومات ما هو مختلفٌ عمّا تتداوله المصادر، وسأكتفي بمثلين اثنين منها، أوّلهما ما قاله السيوطي في "بغية الوعاة في طبقات اللغويّين والنحاة" (١) عمّن أسماه: "مكي بن ريان بن شبَّة. . . الماكسينيّ الضرير. . . أبو الحرم" إذ هو في كتابنا: "أبو الحزم مكي بن زبّان بن شَبَهٍ الماكسُ الضرير" وشتّان بين من مهنتُه المكسُ (أي: استيفاء الضرائب) وبين من هو من قرية بني تغلب: "ماكسين".

وبعيدٌ جدًا -لولا التصحيف- الذي بين "الحرم" و"الحزم". فالمظنون في أبٍ يُكنّي ابنَه، وفي رجلٍ يُكنّي نفسه أن يكون أبا الحزم، لا أبا الحرم؛ لأنَّه إن كُنِّي بأبي الحرم -بفتح الحاء والراء- استكبر المسلمون ذلك واستنكروه؛ لأنَّ الحرم هو الكعبة المشرَّفة، وإن كنّاها بأبي الحُرم -بضمِّ الحاء وفتح الراء- كان أوَّل من يتمنّى في العرب أن تكون ذريته من النساء، وذلك مما لم يقل به أحدٌ من العرب من يوم وأد البنات إلى يومنا هذا. هذا وليس في التكنّي بالحرم مهما قلبتَ من حركات الحاء والراء منها -لولا أشياء غريبة يسيرة- من يرضى أن يتكنّى بها من العرب.

وإذ جعل السيوطي وفاته سنة: ٦٠٣ جعلها صاحبنا سنة: ٥٦٣. ولا أعرف حتى هذا اليوم الذي أكتب فيه إن كان السيوطيّ قد قال ما قال أم أنَّ المحقِّق الأستاذ محمد أبو الفضل إبراهيم قد قوَّله.

أقول هذا لأنَّ السيوطي نقل عن ابن المستوفي الأربلي في تأريخ أربل (وتسمّى: أربيل اليوم)، وابنُ المستوفي ثقةٌ من الثقات، فهل صحّف؟ هذا وقد حقَّق تأريخه السيد سامي الصفّار، وطبع في بغداد.

أما المثل الثاني فهو أنه تكاد تُجمع المصادر على تلقيب أبي بكر الخوارزمي بالطَّبَرْخَزي نحتًا من طبرستان التي تزعم المصادر أنّ أصله منها، ومن خوارزم التي نشأ فيها (٢)، ونجد في هذا الكتاب أنَّه الطَّبَرْخَزْمي، وليس الطبرخزي،


(١) بغية الوعاة ٢/ ٢٩٩.
(٢) ينظر ما قدمتَ به تحقيقي لكتابه: "الأمثال" ط ١، الجزائر: د.

<<  <  ج: ص:  >  >>