والطبرخزمي أقرب إلى قواعد النحت في العربية من سواه.
على أنّ كلَّ هذه الفوائد لم تعصم المؤلِّف أن يقع في تصحيفات وتحريفات يعجب المرءُ معها أن كيف يقعُ مؤلِّفٌ بمثلِ مكانته فيها؟ حتى لكأنّه يريد أن يُقنع من لا يريد أن يقتنع بأنّ النقص من طبيعة البشر. وإذا كان لا بد من أمثلةٍ فهي من قبيل أن يُسمي أبا دلف العجلي: القاسم بن عدي (١)، ويعرف الناس جميعًا أنَّه القاسم بن عيسى، ومن مثل أن يُسمّي المثقب العبدي في ٣/ ٢٢٥، وكرر ذلك في: ٤: ٢٢٥ "المنقب"، ومن مثل أن يتحرف على قلمه العلويّ الحِمّاني في ٣: ٥٠ على الجُهني، والحكم بن قنبر في ٤/ ٢٨٥ على الحكيم، ويزيد بن خذاق في ٥/ ٣٧١، و ٣٨٦ من الجزء نفسه على: يزيد بن حذاق، وهكذا مما قد يكون فات عليَّ.
والكتاب بعد كلِّ هذا ليس كتاب شعر وحده ففيه من الفوائد التأريخية، واللغوية، والعروضية، شيءٌ كثيرٌ، وفيه من أمثال البغداديّين، ولغتهم المولّدة أشياء نافعةٌ طريفة.
وقلتُ: إنَّ في الكتاب فوائد تأريخية، وآن لي أن أخصَّ فائدةً من هذه الفوائد بحيث فأقول:
دأبَ كثيرٌ من الباحثين على اتّهام الوزير مؤيِّد الدين بن العلقمي بالتواطؤ مع المغول على سقوط بغداد بأيديهم سنة: ٦٥٦ هـ حتّى أدى ذلك إلى مطارحات دارت على صفحات مجلة "العربي" الكويتية -في أواخر الخمسينيات إذا صدقت الذاكرة- بين العلّامتين الجليلين الراحلين: الدكتور مصطفى جواد، والشيخ محمد رضا الشبيبي، وحتّى ألّف الشيخ محمد الشيخ حسين الساعدي كتابه:"مؤيِّد الدين بن العلقمي".
وإذًا فمسألة ابنُ العلقمي مسألةٌ شائكةٌ، وقد تكون أسطورية إلى الدرجة التي يُراد فيها منّا أن نصدِّق بأنّه حلق رأس غلامٍ له وكتب عليه رسالةً، ثم انتظر أن يطول