يَهِزُّ الجيْشُ حَوْلَكَ جَانِبَيْهِ ... كمَا نَفَضَتْ جنَاحَيْهَا العِقَابُ
وَتَسْألُ عَنْهُمُ الفَلْوَاتِ حَتَّى ... أجَابَكَ بَعْضهَا وَهُمُ الجوَابُ
تُكَفْكِفُ عَنْهُمُ صمَّ العَوَالِي ... وَقَدْ شَرَقَتْ بِطَعْنِهُمُ الشّعَابُ
وَكَيْفَ يَتُمُّ بَأسُكَ فِي أُنَاسٍ ... تُصِيْبَهُمُ فَيُؤلِمُكَ المُصَابُ
تَرَفَّقَ أيُّهَا المَوْلَى عَلَيْهِمْ. البيتُ وَبَعْدَهُ:
وَإنَّهُمُ عَبِيْدكَ حَيْثُ كَانُوا ... مَتَى تَدْعُو لِحَادِثَةٍ أجَابُوا
وَعَيْن المُخْطِئِيْنَ هُمُ وَلَيْسُوا ... بِأوَّلِ مَعْشَرٍ خَطِئوا فَتَابُوا
وَأَنْتَ حَيَاتُهُمْ غَضبَتْ عَلَيْهُمْ ... وَهَجْرِ حَيَاتِهِمْ لَهُمُ عِقَابُ
وَمَا جَهَلَتْ أيَادِيْكَ البَوَادِي ... وَلَكِنْ رُبَّمَا خَفِيَ الصَّوَابُ
وَكَمْ ذَنْب مُوَلِّدُهُ دَلالٌ ... وَكَمْ بُعْد مُوَلِّدُهُ اقْتِرَابُ
وَجُرْمٌ جَرَّهُ سُفَهَاءُ قَوْمٍ ... فَحَلَّ بغَيْرِ جَانِيْهِ العِقَابُ
بَنُو قَتْلَى أبِيْكَ بِأرْضِ نَجْدٍ ... وَمَنْ أَبْقَى وَأبْقَتْهُ الحِرَابُ
عَفَا عَنْهُمْ وَأعْتَقَهُمْ صِغَارًا ... وَفِي أعْنَاقِ أكْثَرهم سخَابُ
وَكُلُّكُمُ أَتَى مَأتَى أبِيْهِ ... وَكُلُّ فِعَالِ كُلُّكُمُ عِجَابُ
كَذَا فَلَيْسَ مَنْ طَلَبَ الأعَادِي ... وَمِثْلُ سُرَاكَ فَلْيَكُنِ الطِّلابُ
قِيْلَ: لَمَّا نَادَى عَلِيُّ بن أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ يَومَ الجمَلِ: "يا زُبَيْرُ اخْرُجْ إلَيَّ"، وَلَمْ يَأخُذْ مَعَهُ شَيْئًا مِنَ السِّلاحِ، فَخَرَجَ إلَيْهِ الزَّبَيْرُ شَاكًّا فِي سِلاحِهِ فَعَانَقَ كُلّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ عَلَيْهِ السَّلامُ: يا زُبَيْرُ مَا أخْرَجَكَ؟
قَالَ: خَرَجْتُ أطلُبُ بِدَمِ عُثْمَانَ.
قَالَ: قَتَل اللَّهُ أوْلانَا بِدَمِ عُثْمَانَ، أمَا تَذْكُرُ يَومَ لَقِيْتُكَ وَأَنْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فِي بَنِي بَيَاضَةَ فَضَحِكْتُ إلَيْهِ وَضحِكَ إلَيَّ فَقُلْتَ أنْتَ: يا رَسُولُ اللَّهِ لا يَدَعُ عَلِيٌّ زَهْوَهُ.
فَقَالَ لَكَ: لَيْسَ بِذِي زَهْوٍ تُحِبُّهُ. قلتَ: أي وَاللَّهِ إنِّي لأحِبُّهُ.
فَقَالَ: أمَا سَتُقَاتِلُهُ وَأَنْتَ ظَالِمٌ لَهُ.