للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وَوَكِّدِ المَعْنَى وَأَشْبِعْهُ. فَكَتَبْتُ فِي الحَالِ: أُنَاسٌ يُعِدُّوْنَ الخَطِيَّ أَشْطَانًا وَالبيْضَ غُدْرَانًا وَأَجْفَانَ السُّيُوْفِ أَجْفَانًا وَالأسِنَّةَ شُنُوْفًا وَالدُّرُوْعَ شُفُوْفًا وَالنَّجَيْعَ رُضَابًا وَالنُّحُوْرَ مَنَاهِلَ عِذَابًا وَالفَنَاءَ بَقَاءً وَالعَجَاجِ مُلَاءً وَصَلِيْلِ الهِنْدِيَّةِ غِنَاءً وَأَكْتَادَ الجِّيَادِ مهُوْدًا وَالكُمَاةَ عَذَارَى غِيْدًا. فَلَمَّا انتهَيْتُ إِلَى هَذَا وَأبُو مُحَمَّدٍ مُشَارِفٌ مَا أَكْتُبُهُ قَالَ: حَسْبُكَ انْتَهِ إِلَى هَذَا قَدْ أَتَيْتَ بِالبَيْتِ وَزِدْتَ عَلَيْهِ زِيَادَاتٍ لَا تُنْتِجُها فِطْنَةٌ وَلَا تُوْلِدُها قَرِيْحَةٌ.
* * *

يُرْوَى أَنَّ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيْزِ خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِهِ فَمَرَّ بِمَقْبَرَةٍ فَقَالَ: قِفُوا حَتَّى آتِي الأَحِبَّةَ فَأَسْأَلَهُمْ وَأُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ. فَلَمَّا تَوَسَّطهَا وَقَفَ فَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ لأَصْحَابِهِ لَمَّا عَادَ إِلَيْهِمْ: إِلَّا تَسْأَلُوْنَ مَاذَا قُلْتُ وَمَاذَا قِيْلَ لِي؟ فَقَالُوا: تُعَرِّفُنَا يَا أمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ؟ قَالَ: لَمَّا وَقَفْتُ فَسَلَّمْتُ فَلَمْ يَرُدُّوا وَدَعَوْتُ فَلَمْ يُجِيْبُوا نُوْدِيْتُ يَا عُمَرُ أَمَا تَعْرِفُنِي أَنَا الَّذِي غَيَّرْتُ مَحَاسِنَ وُجُوهِهِمْ وَمَزَّقْتُ الأَكْفَانَ عَنْ جُلُوْدِهِمْ وَفَرَّقْتُ المَفَاصِلَ وَالأَقْدَامَ وَمَنَعْتُهُمْ الأَنْفَاسَ وَالكَلَامَ ثُمَّ لَمْ يَزَلْ يَبْكِي حَتَّى سَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ.
أَخَذَ هَذَا المَعْنَى أَبُو العَتَاهِيَةِ فَقَالَ (١):
إِنِّي سَأَلْتُ التُّرْبَ مَا فَعَلَتْ ... بَعْدِي وُجُوْهٌ فِيْكَ مُنْعَفِرَه
فَأَجَابَنِي صَيَّرْتُ رِيْحهُمُ ... تُؤْذِيْكَ بَعْدَ رَوَائِحٍ عَطِرَه
وَأَكَلْتُ أَجْسَادًا مُنَعَّمَةً ... كَانَ النَّعِيْمُ يَصُوْنهَا نَضِرَه
لَمْ تَبْقَ غَيْرُ جَمَاجِمٍ بَلِيَتْ ... بِيْضٍ تَلُوْحُ وَأَعْظُمٌ نَخِرَه
وَمِنْ نَظْمِ المَنْثُوْرِ:
قِيْلَ لأَعْرَابِيٍّ: قَدْ خَلَا بِمَنْ أَحَبَّ مَاذَا رَأَيْتَ؟ فَقَالَ: مَا زَالَ القَمَرُ يُرِيْنِيْهَا فَلَمَّا غَابَ أَرَتْنِيْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>