للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قَوْلُ هُدْبَةَ بنُ خَشْرَمٍ: مَا أظِنُّ المَوْتَ إِلَّا هَيِّنٌ. البَيْتُ

كَانَ هُدْبَةُ بنُ خَشْرَمٍ العُذرِيُّ قَاسِيًا لَا يَخَافُ المَوْتَ وَكَانَ قَدْ جُدِعَ أَنْفُهُ فِي حَرْبٍ لَهُمْ وَكَانَ قَتَلَ زِيَادَةَ بن زَيْدٍ العُذْرِيُّ فَحُمِلَ إِلَى مُعَاوِيَةَ فَسَأَلهُ فَأَقَرَّ وَكَانَ قَدْ تَقَدَّمَ مَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَخُو زِيَادَةَ فَقَالَ أَقِدْنِي مِنْهُ يَا أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فَكَرِهَ مُعَاوِيَةُ قَتْلَ هُدْبَةَ أَو ضَنَّ بِهِ عَنِ القَتْلِ وَكَانَ أَخُو زِيَادَةَ صَغِيْرًا فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ وَمَا عَنِيْكَ أَنْ تَشْفِي صَدْرَكَ وَتَحْرِمَ غَيْرِكَ ثُمَّ وَجَّهَ بِهِ إِلَى المَدِيْنَةِ فَقَالَ يُحْبَسُ حَتَّى يَبْلُغَ أَخُو زِيَادَةَ فَبَلغَ وَسَأَلَ مُعَاوِيَةٌ الإِقَادَة مِنْهُ فَسَلَّمَهُ إِلَيْهِ فَيُقَالُ أَنَّهُ عُرِضَ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخِي زِيَادَةَ عَشْرُ دِيَّاتٍ فَأَبَى إِلَّا القَوْدَ، وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ عَرَضَ عَلَيْهِ الدِّيَّاتِ عَلِيّ بن الحُسَيْنِ بنُ عَلِيّ عَلَيْهِمِ السَّلَامُ وَعَبْدُ اللَّهِ بن جَعْفَرَ بن أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَسَعِيْدُ بنُ العَاضِ وَكَانَ يَوْمَئِذٍ وَالِي المَدِيْنَةِ وَمَرْوَان بن الحَكَمِ وَعَبْدُ اللَّهِ بن عُمَرِ بن الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَسَائِرُ القَوْمِ مِنْ قُرَيْشٍ وَالأَنْصَار. قَالُوا فَلَمَّا أُخْرِجَ إِلَى الحرّةِ لِيُقْتَلَ جَعَلَ يَنْشِدُ الأَشْعَارَ وَعَرَضَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَن بن حَسَّان بن ثَابتٍ فَقَالَ لَهُ انْشِدْنِي قَالَ أَعَلَى هَذِهِ الحَالِ؟ قَالَ نَعَمْ، فَأَنْشَدَهُ (١):

وَلَسْتُ بَمَدَّاحٍ إِذَا الدَّهْرُ سَرَّنِي ... وَلَا جَازعٍ مِنْ صَرْفِهِ المُتَقَلِّبِ

وَلَا أَبتَغي الشَّرَّ وَالشَّرُّ تَارِكِي وَلَكِنْ ... مَتَى أُحْمَل عَلَى الصَّعْبِ أَرْكَبِ

وَجَرَّبَنِي مَوْلَايَ حَتَّى غَشِيْتُهُ مَتَى ... مَا يُجَرِّبُكَ ابْنُ عَمِّكَ تَجْرَبِ

يقالُ: حَرَبتُ الأَسَدَ إِذَا هَيَّجْتَهُ. قَالُوا وَكَانَ أَبَوَاهُ قَدْ تَبعَاهُ يُوْدِّعَانهِ وَيَبْكِيَانِ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمَا فَقَالَ (٢):

أَبْلِيَانِي اليَوْمَ صبْرًا مِنْكُمَا ... إِنَّ حُزْنًا مِنْكُمَا اليَوْمَ لَشَرُّ

مَا أَظنُّ المَوْتُ إِلَّا هَيِّنًا. البَيْتُ

بَشَّارٌ:


(١) الأبيات في ديوان هدبة بن الخشرم: ٧٤، ٧٥.
(٢) البيت في ديوان هدبة بن الخشرم: ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>