ابن الخطاب، فقال:«أصبتم»، قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. وقد رواه الحاكم في "المستدرك" وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي في تلخيصه.
قلت: ليس بين هذه الرواية والرواية التي قبلها مغايرة إلا في تأويل الرؤيا. ففي رواية حمزة عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الذي أَوَّلَ رؤياه في شرب اللبن، وفي رواية سالم عن أبيه: أن الصحابة هم الذين أَوَّلُوها حين أمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بتأويلها، فيحتمل أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدث برؤياه في مجلسين فأَوَّلها في أحدهما وأمر أصحابه بتأويلها في المجلس الآخر والله أعلم.
وفي هذا الحديث فضيلة عظيمة لعمر رضي الله عنه لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاه فضل شرابه في النوم وشهد له في اليقظة بالعلم، وقد ظهر أثر هذه الشهادة على عمر رضي الله عنه فكان أعلم الأمة بعد أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
ولم يكن في زمانه وما بعد زمانه أحد يساويه في العلم فضلاً عن أن يكون فيهم من يفوقه فيه، وقد ذكرت الأدلة الكثيرة على غزارة علمه وتفوقه على غيره في أول كتابي المسمى "تنزيه الأصحاب، عن تنقص أبي تراب" وذكرت أيضًا ما جاء في ذلك عن بعض الصحابة والتابعين، فليراجع ما ذكرته في الكتاب المشار إليه فإنه مهم جدًا، ومن أهم ما جاء فيه من الآثار قول ابن مسعود رضي الله عنه:«لو أن عِلْم عمر وضع في كفة الميزان ووضع علم أهل الأرض في كفة لرجح علمه بعلمهم»، وقوله أيضًا:«إني لأحسب تسعة أعشار العلم ذهب يوم ذهب عمر» روى ذلك الطبراني والحاكم بأسانيد صحيحة، وروى ابن سعد في "الطبقات" بإسناد صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «لو وضع علم أحياء العرب في كفة وعلم عمر في كفة لرجح بهم علم عمر – قال: وإن كنا لنحسب عمر قد ذهب بتسعة أعشار العلم». وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب": قال ابن مسعود رضي الله عنه: «لو وضع علم أحياء العرب في كفة ميزان ووضع علم عمر في كفة لرجح علم عمر ولقد كانوا يرون أنه ذهب بتسعة أعشار العلم، ولمجلس كنت أجلسه مع عمر أوثق من عمل سنة».